وقودها، فإذا رأى نقصاً في وقودها، جعل من جهته مشرفاً على صب زيتها، ويتقدم إلى أئمة المساجد المتطوعة، والمؤذنين المتطوعة، ويسألهم الحضور في كل يوم جمعة للجامع الأعظم للأذن بصلاة الجمعة، فإن في كثرة الأصوات، واجتماع النيات، كثرة وقوة للدين، وضعفاً لقلوب المشركين.
وتكون العناية والمراعاة لجميع المساجد كما ذكرنا في حال الجامع، ويأمرهم بغلق أبوابها عقيب كل صلاة، وصيانتها من الصبيان والمجانين، كما أمر سيد المرسلين، وكذلك من يأكل فيها الطعام، وينام، أو يعمل صناعة، أو يبيع سلعة، أو ينشد ضالة، أو يجلس فيها لحديث الناس، فقد ورد الشرع بتنزيه المساجد عن ذلك. ويتقدم إلى جيران كل مسجد بالمواظبة على صلاة الجماعة عند سماع الأذان، لإظهار معالم الدين، وإشهار شعائر المسلمين، لا سيما في هذا الزمان، لكثرة البدع، واختلاف الأهواء، وما قد صرحوا به من الأحوال الخارجية عن الأحكام، فيجب على كل مسلم إظهار شعائر الإسلام، وإشهار الشريعة في مقابلة ذلك، لتقوى عقائد العامة.
ولا يؤذن في المنارة إلا عدل، ثقة، عارف بأوقات الصلاة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"المؤذنون أمناء، والأئمة ضمناء، فرحم الله الأئمة، وغفر للمؤذنين". وينبغي للمحتسب أن يمتحنهم بمعرفة الأوقات، فمن لم يعرف ذلك منعه من الأذان حتىي عرفها؛ لأنه ربما أذن في غير الوقت، فسمعه العامة، فيصلون قبل الوقت، فلا تصح صلاتهم، فيكون هو السبب في إفساد صلاة الناس، فيجب عليه معرفة الوقت، ويقرأ باب الأذان والإقامة في الفقه، ويستحب أن يكون المؤذن صيتاً، حسن الصوت، وينهاه المحتسب عن التغني في الأذان، وهو التطريب، والتمطيط، ويأمره إذا صعد المنارة أن يغض بصره عن النظر إلى دور الناس، ويأخذ عليه العهد في ذلك.
ولا يصعد إلا المنارة غير المؤذن في أوقات الصلاة، وينبغي للمؤذن تحرير أوقات الصلاة في النهار بالميزان، وإذا لم يكن له ميزان، مكن الوقت تمكيناً، لا يكون عليه درك بعده، وعليه أيضاً أن يكون عارفاً بمنازل القمر، وشكل الكواكب، ليعلم أوقات الصلاة، وأوقات الليل والنهار، وهي ثمان وعشرون منزلة، أسماؤها: الشرطان،