للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن فضائل معاوية - رضي الله عنه - أنه من الذين

رآهم النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - يَرْكَبُونَ ظَهْرَ الْبَحْرِ كَالْمُلُوكِ عَلَى الْأَسِرَّةِ

عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضي الله عنه - عَنْ أُمِّ حَرَامٍ - رضي الله عنها - وَهِيَ خَالَةُ أَنَسٍ قَالَتْ: أَتَانَا النَّبِيُّ - صلى الله عليه وآله وسلم - يَوْمًا، فَقَالَ عِنْدَنَا، فَاسْتَيْقَظَ وَهُوَ يَضْحَكُ فَقُلْتُ: «مَا يُضْحِكُكَ يَا رَسُولَ اللهِ، بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي؟»

قَالَ: «أُرِيتُ قَوْمًا مِنْ أُمَّتِي يَرْكَبُونَ ظَهْرَ الْبَحْرِ كَالْمُلُوكِ عَلَى الْأَسِرَّةِ».

فَقُلْتُ: «ادْعُ اللهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ».

قَالَ: «فَإِنَّكِ مِنْهُمْ».

قَالَتْ: «ثُمَّ نَامَ فَاسْتَيْقَظَ أَيْضًا وَهُوَ يَضْحَكُ فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ مِثْلَ مَقَالَتِهِ فَقُلْتُ:

«ادْعُ اللهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ». قَالَ: «أَنْتِ مِنْ الْأَوَّلِينَ».

فَرَكِبَتِ الْبَحْرَ فِى زَمَانِ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِى سُفْيَانَ فَصُرِعَتْ عَنْ دَابَّتِهَا حِينَ خَرَجَتْ مِنَ الْبَحْرِ، فَهَلَكَتْ.

وفي رواية: «فَخَرَجَتْ مَعَ زَوْجِهَا عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ غَازِيًا أَوَّلَ مَا رَكِبَ الْمُسْلِمُونَ الْبَحْرَ مَعَ مُعَاوِيَةَ، فَلَمَّا انْصَرَفُوا مِنْ غَزْوِهِمْ قَافِلِينَ فَنَزَلُوا الشَّأْمَ، فَقُرِّبَتْ إِلَيْهَا دَابَّةٌ لِتَرْكَبَهَا فَصَرَعَتْهَا فَمَاتَتْ». (رواه البخاري ومسلم).

قال الإمام النووي - رحمه الله - (١): «فِيهِ (أي هذا الحديث):مُعْجِزَات لِلنَّبِيِّ - صلى الله عليه وآله وسلم - مِنْهَا إِخْبَاره بِبَقَاءِ أُمَّته بَعْده، وَأَنَّهُ تَكُون لَهُمْ شَوْكَة وَقُوَّة وَعَدَد، وَأَنَّهُمْ يَغْزُونَ وَأَنَّهُمْ يَرْكَبُونَ الْبَحْر، وَأَنَّ أُمّ حَرَام تَعِيش إِلَى ذَلِكَ الزَّمَان، وَأَنَّهَا تَكُون مَعَهُمْ، وَقَدْ وُجِدَ بِحَمْدِ اللهِ تَعَالَى كُلّ ذَلِكَ.

وَفِيهِ: فَضِيلَة لِتِلْكَ الْجُيُوش، وَأَنَّهُمْ غُزَاة فِي سَبِيل اللهِ.

وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاء مَتَى جَرَتْ الْغَزْوَة الَّتِي تُوُفِّيَتْ فِيهَا أُمّ حَرَام فِي الْبَحْر؟ وَقَدْ ذكرَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَة فِي مُسْلِم أَنَّهَا رَكِبَتْ الْبَحْر فِي زَمَان مُعَاوِيَة، فَصُرِعَتْ عَنْ دَابَّتهَا


(١) في شرحه لهذا الحديث من صحيح مسلم.

<<  <   >  >>