للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الشبهة السابعة عشرة

هل لُعِنَ عليٌّ على المنابر بأمر من معاوية - رضي الله عنهما -؟

الجواب: إن هذه الفرية من الأشياء المكذوبة في حق معاوية - رضي الله عنه - بل من الأباطيل التي روج لها الرافضة ودخلت على كتب أهل السنة كأنها حقيقة لا شك فيها.

وهذه دعوى تحتاج إلى دليل، وهي مفتقرة إلى صحة النقل، وأغلب الرافضة ومن أشرب قلبه بغض معاوية - رضي الله عنه -، لا يتثبتون فيما ينقلون، وإنما يكتفون بقولهم: (كما ذكر ذلك المؤرخون) أو (وكتب التواريخ طافحة بذلك) إلى غيرها من التُرَّهات. ولا يحيلون إلى أي مصدر موثوق، وكما هو معلوم مدى أهمية الإحالة والتوثيق لمثل هذه الدعاوى عند المحققين والباحثين.

ومعاوية - رضي الله عنه - منزه عن مثل هذه التهم، بما ثبت من فضله في الدين، كما أن معاوية - رضي الله عنه - كان محمود السيرة في الأمة، أثنى عليه الصحابة وامتدحه خيار التابعين، وشهدوا له بالدين والعلم والفقه والعدل والحلم وسائر خصال الخير.

وإذا ثبت هذا في حق معاوية، فإنه من أبعد المحال على من كانت هذه سيرته أن يحمل الناس على لعن علي - رضي الله عنه - على المنابر وهو مَن هو في الفضل، وهذا يعني أن أولئك السلف وأهل العلم من بعدهم الذين أثنوا عليه ذلك الثناء البالغ، قد مالؤوه على الظلم والبغي واتفقوا على الضلال!! وهذا مما نُزّهت الأمة عنه بنص حديث الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم -: «إنَّ اللهَ تَعَالَى قَدْ أَجَارَ أمَّتِي أنْ تَجْتَمِعَ عَلَى ضَلَالَةٍ». (رواه ابن أبي عاصم في السنة، وحسنه الألباني).

ومَن عَلِم سيرة معاوية - رضي الله عنه - في الملك وما اشتهر به من الحِلم والصفح وحسن السياسة للرعية، ظهر له أن ذلك من أكبر الكذب عليه.

ثم كيف يسمح معاوية - رضي الله عنه - بذلك؟! وهو الذي لم يصح عنه أبدًا أنه سبّ عليًّا - رضي الله عنه - أو لعنه مرة واحدة، فضلًا عن التشهير به على المنابر؟!!

<<  <   >  >>