للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حِلم

معاوية - رضي الله عنه - ورحابة صدره (١)

لقد كان حلم معاوية - رضي الله عنه - ورحابة صدره مضرب المثل، وأخباره في ذلك كثيرة جدًا، وقد أفرد الحافظان ابن أبي الدنيا وابن أبي عاصم تصنيفًا في حلم معاوية.

١ - قال ابن عون: «كان الرجل يقول لمعاوية: «والله لتستقيمن بنا يا معاوية أو لنُقَوِّمَنَّكَ»، فيقول: «بماذا؟»، فيقول: «بالخشب»، فيقول: «إذن نستقيم».

٢ - وقال قبيصة بن جابر: «صحبتُ معاوية فما رأيت رجلًا أثقل حلمًا ولا أبطأ جهلًا ولا أبعد أناةً منه».

٣ - عن أبي مسلم الخولاني، أنه نادى معاوية بن أبي سفيان - رضي الله عنه - وهو جالس على منبر دمشق فقال: «يا معاوية، إنما أنت قبر من القبور إن جئت بشيء كان لك شيء وإن لم تجئ بشيء فلا شيء لك.

يا معاوية، لا تحسبَنَّ الخلافة جمع المال، وتفرقته ولكن الخلافة العمل بالحق والقول بالمعدلة، وأخذ الناس في ذات الله، يا معاوية، إنا لا نبالي بكدر الأنهار وما صفَت لنا رأس عيننا وإنك رأس أعيننا، يا معاوية إنك إن تَحِفْ على قبيلة من قبائل العرب يذهب حيفُك بعدلِك».

فلما قضى أبو مسلم مقالته أقبل عليه معاوية فقال: «يرحمك الله يرحمك الله» (٢).

٤ - وقال بعضهم: أسمَعَ رجلٌ معاويةَ كلامًا سيئًا شديدًا، فقيل له: «لو سطوت عليه؟»، فقال: «إني لأستحيي من الله أن يضيق حِلمي عن ذنبِ أحدٍ من رعيتي».


(١) انظر ترجمة معاوية بن أبي سفيان - رضي الله عنه - في (تاريخ دمشق لابن عساكر ٥٩/ ٥٥ - ٢٤١). وترجمته في (البداية والنهاية ٨/ ١٢٥ - ١٥٦).
(٢) رواه الإمام أحمد في الزهد (٢٣٥١).

<<  <   >  >>