للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الشبهة التاسعة]

قالوا: «الفتح كان في رمضان لثمان سنين من قدوم النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - المدينة، ومعاوية مقيم على شركه، هارب من النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -؛ لأنه كان قد أهدر دمه، فهرب إلى مكة، فلما لم يجد له مأوى صار إلى النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - مضطرًا، فأظهر الإسلام، وكان إسلامه قبل موت النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - بخمسة أشهر، وطرح نفسه على العباس، فسأل فيه رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - فعفا، ثم شفع إليه أن يشرِّفه ويضيفه إلى جملة الكُتَّاب، فأجابه وجعله واحدًا من أربعة عشرة، فكم كان حظه من هذه المدة لو سلّمنا أنه كاتب الوحي حتى استحق أن يوصف بذلك دون غيره؟».

الجواب:

وأما قولهم: «إن الفتح كان في رمضان لثمان من مقدم النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - المدينة»، فهذا صحيح.

وأما قولهم: «إن معاوية كان مقيمًا على شِرْكِهِ هاربًا من النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -؛ لأنه كان قد أهدر دمه، فهرب إلى مكة، فلما لم يجد له مأوى صار إلى النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - مضطرًا فأظهر الإسلام، وكان إسلامه قبل موت النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - بخمسة أشهر».

فهذا من أظهر الكذب؛ فإن معاوية أسلم عام الفتح باتفاق الناس، وقد تقدّم قول الشيعة: «إنه من المؤلفة قلوبهم»، والمؤلفة قلوبهم أعطاها النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - عام حُنَين من غنائم هَوَازن، وكان معاوية - رضي الله عنه - ممن أعطاه منها، والنبي - صلى الله عليه وآله وسلم - كان يتألّف السادة المُطاعين في عشائرهم، فإن كان معاوية هاربًا لم يكن من المؤلفة قلوبهم، ولو لم يسلم إلا قبل موت النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - لم يعطَ شيئًا من غنائم حنين.

ومن كانت غايته أن يُؤَمَّن لم يحتج إلى تأليف.

<<  <   >  >>