للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الشبهة الحادية عشرة]

قالوا: «قد روى عبد الله بن عمر، قال: أتيت النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - فسمعته يقول: «يطلع عليكم رجل يموت على غير سنتي»، فطلع معاوية.

وقام النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - خطيبًا، فأخذ معاوية بيد ابنه زيدًا أو يزيد وخرج ولم يسمع الخطبة، فقال النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -: «لعن الله القائد والمقود، أي يوم يكون للأمة مع معاوية ذي الإساءة؟».

الجواب:

أولًا: نحن نطالب بصحة هذا الحديث؛ فإن الاحتجاج بالحديث لا يجوز إلا بعد ثبوته، ونحن نقول هذا في مقام المناظرة، وإلا فنحن نعلم قطعًا أنه كذب.

ثانيًا: هذا الحديث من الكذب الموضوع باتفاق أهل المعرفة بالحديث، ولا يوجد في شيء من دواوين الحديث التي يُرجع إليها في معرفة الحديث، ولا له إسناد معروف.

وهذا المحتج به لم يذكر له إسنادًا، ثم من جهله أن يروي مثل هذا عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما -، وعبد الله بن عمر كان من أبعد الناس عن ثلب الصحابة، وأروى الناس لمناقبهم، وقوله في مدح معاوية - رضي الله عنه - معروف ثابت عنه.

قال ابن كثير: «وقال هشيم عن العوام عن جبلة بن سحيم عن ابن عمرو، قال: «ما رأيت أحدًا أسْوَد (١) من معاوية».

قال: قلت: «ولا عمر؟».

قال: «كان عمر خيرًا منه، وكان معاوية أسوَد منه» (٢).

ثالثًا: إن خُطب النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - لم تكن واحدة، بل كان يخطب في الجمع والأعياد والحج وغير ذلك، ومعاوية وابنه كانا يشهدان الخطب، كما يشهدها المسلمون كلهم.


(١) من السيادة.
(٢) البداية والنهاية (٨/ ١٥٣).

<<  <   >  >>