للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[حقيقة ما حدث بين علي ومعاوية - رضي الله عنهما -]

يرجع أصل هذه القضية إلى استشهاد عثمان بن عفان - رضي الله عنه - على أيدي المنافقين وتأجيل علي - رضي الله عنه - إقامة القصاص على قتلة عثمان، مما أدى إلى مطالبة معاوية لعلي بتسليمه قتلة عثمان.

قال الحافظ ابن حجر: «وَقَدْ ذَكَرَ يَحْيَى بْن سُلَيْمَان الْجُعْفِيُّ أَحَد شُيُوخ الْبُخَارِيّ فِي (كِتَاب صِفِّينَ) فِي تَأْلِيفه بِسَنَدٍ جَيِّد عَنْ أَبِي مُسْلِم الْخَوْلَانِيّ أَنَّهُ قَالَ لِمُعَاوِيَةَ: «أَنْتَ تُنَازِع عَلِيًّا فِي الْخِلَافَة أَوَ أَنْتَ مِثْله؟».

قَالَ: لَا، وَإِنِّي لَأَعْلَم أَنَّهُ أَفْضَل مِنِّي وَأَحَقّ بِالْأَمْرِ، وَلَكِنْ أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ عُثْمَان قُتِلَ مَظْلُومًا وَأَنَا اِبْن عَمّه وَوَلِيّه أَطْلُب بِدَمِهِ؟ فَأْتُوا عَلِيًّا فَقُولُوا لَهُ يَدْفَع لَنَا قَتَلَة عُثْمَان».

فَأَتَوْهُ فَكَلَّمُوهُ فَقَالَ: «يَدْخُل فِي الْبَيْعَة وَيُحَاكِمهُمْ إِلَيَّ».

فَامْتَنَعَ مُعَاوِيَة فَسَارَ عَلِيّ فِي الْجُيُوش مِنْ الْعِرَاق حَتَّى نَزَلَ بِصِفِّينَ، وَسَارَ مُعَاوِيَة حَتَّى نَزَلَ هُنَاكَ وَذَلِكَ فِي ذِي الْحِجَّة سَنَة سِتّ وَثَلَاثِينَ، فَتَرَاسَلُوا فَلَمْ يَتِمّ لَهُمْ أَمْر، فَوَقَعَ الْقِتَال») (١).

فأصل الخلاف لم يكُنْ حول اعتراض معاوية على أحقية علي بالخلافة، بل كان بسبب تأجيل إقامة القصاص على قتلة عثمان إذ كان علِيٌّ يرى تأجيل إقامة القصاص على قتلة عثمان حتى تستتب له الأمور بعد استشهاد عثمان - رضي الله عنهم - أجمعين.

ولا شك أن الحق الذي سعى إليه علي - رضي الله عنه - مقدم على الحق الذي سعى له معاوية - رضي الله عنه -، إذًا فالمسألة تتعلق بالأولويات وهو ما فقهه علي - رضي الله عنه -.


(١) فتح الباري (١٣/ ٩٢).

<<  <   >  >>