للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الشبهة الخامسة عشرة]

شبهة طلب معاوية بن أبي سفيان - رضي الله عنهما - للخلافة

قد شاع بين الناس قديمًا وحديثًا أن الخلاف بين علي ومعاوية - رضي الله عنهما - كان سببه طمع معاوية في الخلافة، وأن خروج معاوية على علي وامتناعه عن بيعته كان بسبب عزله عن ولاية الشام.

لكن الصحيح أن الخلاف بين علي ومعاوية - رضي الله عنهما - كان حول مدى وجوب بيعة معاوية وأصحابه لعلي قبل إيقاع القصاص على قتلة عثمان أو بعده، وليس هذا من أمر الخلافة في شيء.

فقد كان رأيُ معاوية - رضي الله عنه - ومن حوله من أهل الشام أن يقتص علي - رضي الله عنه - من قتلة عثمان ثم يدخلوا بعد ذلك في البيعة.

يقول إمام الحرمين الجويني: «إن معاوية وإن قاتل عليًا فإنه لا ينكر إمامته ولا يدعيها لنفسه، وإنما كان يطلب قتلة عثمان ظنًا منه أنه مصيب، وكان مخطئًا» (١).

أما شيخ الإسلام فيقول: «ومُعَاوِيَةُ لَمْ يَدَّعِ الْخِلَافَةَ؛ وَلَمْ يُبَايَعْ لَهُ بِهَا حَيْنَ قَاتَلَ عَلِيًّا، وَلَمْ يُقَاتِلْ عَلَى أَنَّهُ خَلِيفَةٌ، وَلَا أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ الْخِلَافَةَ، وَيُقِرُّونَ لَهُ بِذَلِك، وَقَدْ كَانَ مُعَاوِيَةُ يُقِرُّ بِذَلِك لِمَنْ سَأَلَهُ عَنْهُ» (٢).

ويذكر ابن كثير أن أبا الدرداء وأبا أمامة - رضي الله عنهما -، دخلا على معاوية فقالا له: «يا معاوية! عَلَامَ تقاتل هذا الرجل؟ فوالله إنه أقدم منك ومن أبيك إسلامًا، وأقرب منك إلى رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - وأحق بهذا الأمر منك». فقال: «أقاتله على دم عثمان، فاذهبا إليه فقولا: فليقدْنا من قتلة عثمان ثم أنا أول من أبايعه من أهل الشام» (٣).


(١) في لمع الأدلة (ص ١١٥).
(٢) مجموع الفتاوى (٣٥/ ٧٢).
(٣) البداية والنهاية (٧/ ٣٦٠).

<<  <   >  >>