للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[ذم في ثوب المدح، تشويق وتشويه]

إن من وسائل الأخباريين في تزييف الحقائق التاريخية وضع الذم في ثوب المدح، فتجد أحدهم يذكر واقعة معينة بها فضيلة لأحد الصحابة ولكن لو دققت فيها لوجدت طعنًا فيه أو في غيره من الصحابة.

وهذه الخدعة قد تنطلي حتى على بعض الغيورين من أهل السنة فتجده يستدل بالواقعة على شيء مع أنها في نفس الوقت تهدم شيئًا آخر.

ومن أوضح الأمثلة على ذلك:

[١ - قصة ابن الأكرمين:]

رُوِيَ عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - أن رجلًا من أهل مصر أتى إلى عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - فقال: «يا أمير المؤمنين، عائذ بك من الظلم».

قال: «عُذْتَ بمعاذ».

قال: «سابقتُ ابنَ عمرو بن العاص فسبقتُه، فجعل يضربني بالسوط ويقول: أنا ابن الأكرمين».

فكتب عمر إلى عمرو يأمره بالقدوم عليه، ويَقْدم بابنه معه، فقدم، فقال عمر: أين المصري؟ خذ السوط فاضرب.

فجعل يضربه بالسوط، ويقول عمر: «اضرب ابن الألْيَمَيْن».

قال أنس: فضرب، فوالله لقد ضربه ونحن نحب ضربه، فما أقلع عنه حتى تمنينا أنه يرفع عنه، ثم قال عمر للمصري: «ضع على صلعة عمرو».

فقال: «يا أمير المؤمنين إنما ابنه الذى ضربني، وقد اشتفيت منه».

فقال عمر لعمرو: «مُذْ كم تعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارًا؟».

قال: «يا أمير المؤمنين لم أعلم ولم يأتني».

<<  <   >  >>