للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[هذا معاوية - رضي الله عنه -]

أيُّها الشَّانِئُ (١) أَقْصِرْ ... إِنَّمَا جِئْتُ لِأَفْخَرْ

بِابْنِ حَربٍ مَنْ كَسَيْلٍ ... لِصُرُوحِ الْكُفْرِ دَمَّرْ

جَيْشُهُ قَامَ يُنادِي ... فِي الدُّنَى: اللهُ أَكْبَرْ

بَذَلَ الْغالِي انْتِصَارًا ... لِلْهُدَى فِي كُلِّ مَعْبَرْ

مَجْدُ (رُومَانٍ) و (فُرْسٍ) ... كُلُّ ذَا وَلَّى .. تَبَخَّرْ

زَانَهُ اللهُ بِحِلْمٍ صَارَ ... فِي الْأَمْثَالِ يُذْكَرْ

كَاتِبُ الْوَحْيِ أَمِينٌ ... لِلتُّقَى وَالْعَدْلِ مُسْفِرْ

جَاءَهُ بِالْحَقِّ بُشْرَى ... الصَّادِقِ الْمَصْدُوقِ تُظْهِرْ

أَنَّهُ حَازَ الْجِنَانَ ... سَبْقَ مَنْ في الْيَمِّ أَبْحَرْ (٢)

كَالْمُلُوكِ فِي الْأَسِرَّةْ (٣) ... إِنَّ فَضْلَ اللهِ أَكْبَرْ


(١) الشانئ: المبغِض.
(٢) قال - صلى الله عليه وآله وسلم -: «أَوَّلُ جَيْشٍ مِنْ أُمَّتِي يَغْزُونَ الْبَحْرَ قَدْ أَوْجَبُوا». (رواه البخاري). ...
(قَدْ أَوْجَبُوا) أَيْ فَعَلُوا فِعْلًا وَجَبَتْ لَهُمْ بِهِ الْجَنَّة. ...
وفِي هَذَا الْحَدِيثِ مَنْقَبَة لِمُعَاوِيَة - رضي الله عنه - لِأَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ غَزَا الْبَحْرَ.
(٣) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضي الله عنه - عَنْ أُمِّ حَرَامٍ - رضي الله عنها - وَهِيَ خَالَةُ أَنَسٍ قَالَتْ: أَتَانَا النَّبِيُّ - صلى الله عليه وآله وسلم - يَوْمًا، فَقَالَ عِنْدَنَا، فَاسْتَيْقَظَ وَهُوَ يَضْحَكُ فَقُلْتُ: «مَا يُضْحِكُكَ يَا رَسُولَ اللهِ، بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي؟»، قَالَ: «أُرِيتُ قَوْمًا مِنْ أُمَّتِي يَرْكَبُونَ ظَهْرَ الْبَحْرِ كَالْمُلُوكِ عَلَى الْأَسِرَّةِ».فَقُلْتُ: «ادْعُ اللهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ». قَالَ: «فَإِنَّكِ مِنْهُمْ».
قَالَتْ: «ثُمَّ نَامَ فَاسْتَيْقَظَ أَيْضًا وَهُوَ يَضْحَكُ فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ مِثْلَ مَقَالَتِهِ فَقُلْتُ: «ادْعُ اللهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ».
قَالَ: «أَنْتِ مِنْ الْأَوَّلِينَ».
فَخَرَجَتْ مَعَ زَوْجِهَا عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ غَازِيًا أَوَّلَ مَا رَكِبَ الْمُسْلِمُونَ الْبَحْرَ مَعَ مُعَاوِيَةَ، فَلَمَّا انْصَرَفُوا مِنْ غَزْوِهِمْ قَافِلِينَ فَنَزَلُوا الشَّأْمَ، فَقُرِّبَتْ إِلَيْهَا دَابَّةٌ لِتَرْكَبَهَا فَصَرَعَتْهَا فَمَاتَتْ. (رواه البخاري ومسلم).
قَوْله (مُلُوكًا عَلَى الْأَسِرَّة): أي رَأَى الْغُزَاة فِي الْبَحْر مِنْ أُمَّته مُلُوكًا عَلَى الْأَسِرَّة فِي الْجَنَّة، وَرُؤْيَاهُ - صلى الله عليه وآله وسلم - وَحْي، وَقَدْ قَالَ اللَّه تَعَالَى فِي صِفَة أَهْل الْجَنَّة: {عَلَى سُرَرٍ مُتَقَابِلِينَ}.
ومعاوية - رضي الله عنه - مِن أولى الناس بهذا الفضلُ العظيم، إذ أنه أميرُ تلك الغزاة بالاتفاق، وقد قال ابنُ عبد البر عن هذا الحديث في التمهيد (١/ ٢٣٥): «وفيه فضلٌ لمعاوية - رحمه الله -، إذ جَعَلَ مَن غَزا تحتَ رايَتِه مِن الأوَّلين».

<<  <   >  >>