للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الشبهة السادسة والعشرون

قولهم: «قتلَ ابنُه يزيد الحسينَ - رضي الله عنه - ونهب نساءه»

الجواب:

إن يزيد لم يأمر بقتل الحسين - رضي الله عنه - باتفاق أهل النقل، ولكن كتب إلى ابن زياد أن يمنعه عن ولاية العراق. والحسين - رضي الله عنه - كان يظن أن أهل العراق ينصرونه ويَفُونَ له بما كتبوا إليه، فأرسل إليهم ابنَ عمه مسلم بن عقيل، فلما قتلوا مسلمًا وغدروا به وبايعوا ابن زياد، أراد الرجوع فأدركَتْه السرية الظالمة، فطلب أن يذهب إلى يزيد، أو يذهب إلى الثغر، أو يرجع إلى بلده، فلم يمكّنوه من شيء من ذلك حتى يستأسر لهم، فامتنع، فقاتلوه حتى قتل شهيدًا مظلومًا - رضي الله عنه -، ولما بلغ ذلك يزيد أظهر التوجع على ذلك، وظهر البكاء في داره، ولم يَسْبِ له حريمًا أصلًا، بل أكرم أهل بيته، وأجازهم حتى ردهم إلى بلدهم.

ولو قُدِّرَ أن يزيد بن معاوية قتل الحسين - رضي الله عنه - لم يكن ذنب ابن معاوية ذنبًا له، فإن الله تعالى يقول: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} (فاطر:١٨). وقد اتفق الناس على أن معاوية - رضي الله عنه - وصّى يزيد برعاية حق الحسين وتعظيم قدره.

وإذا قيل: إن معاوية - رضي الله عنه - استخلف يزيد، وبسبب ولايته فعل هذا.

قيل: استخلافه إن كان جائزًا لم يضره ما فعل، وإن لم يكن جائزًا فذاك ذنب مستقل ولو لم يقتل الحسين.

وهو مع ذلك كان من أحرص الناس على إكرام الحسين - رضي الله عنه - وصيانة حرمته، فضلًا عن دمه، فمع هذا القصد والاجتهاد لا يضاف إليه فعل أهل الفساد.

<<  <   >  >>