للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

موقف يزيد بن معاوية - رحمه الله - من قتل الحسين - رضي الله عنه -:

كتب عبيد الله بن زياد إلى يزيد بن معاوية يخبره بما حدث ويستشيره في شأن أبناء الحسين ونسائه، فلما بلغ الخبر إلى يزيد بن معاوية بكى وقال: «كنت أرضى من طاعتهم ـ أي أهل العراق ـ بدون قتل الحسين، لعن الله ابن مرجانة لقد وجده بعيد الرحم منه، أما والله لو أني صاحبه لعفوتُ عنه، فرحم الله الحسين» (١).

ومن هنا يعلم أن ابن زياد لم يحمل آل الحسين بشكل مؤلم أو أنه حملهم مغللين كما ورد في بعض الروايات.

وكان رد يزيد - رحمه الله - على ابن زياد مخالفًا لما يطمع إليه ابن زياد، حيث كان يطمع بأن يقره يزيد على الكوفة، فلم يقره على عمله بل سبه ونال منه بسبب تصرفه مع الحسين، وهنا يكون الداعي أكبر لأن يحمل ابن زياد آل الحسين على صورة لائقة لعلها تخفف من حدة وغضب يزيد عليه.

ولذلك قال شيخ الإسلام - رحمه الله -: «وأما ما ذكر من سبي نسائه والذراري والدوران بهم في البلاد وحملهم على الجمال بغير أقتاب، فهذا كذب وباطل، ما سبى المسلمون ـ ولله الحمد ـ هاشمية قط، ولا استحلت أمة محمد - صلى الله عليه وآله وسلم - سبي بني هاشم قط، ولكن كان أهل الجهل والهوى يكذبون كثيرًا» (٢).

ولما دخل أبناء الحسين على يزيد قالت فاطمة بنت الحسين: «يا يزيد أبنات رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - سبايا؟»، قال: «بل حرائر كرام، ادخلي على بنات عمك (٣) تجديهن قد فعلْنَ ما فعلْتِ»، قالت فاطمة: «فدخلتُ إليهن فما وجدتُ فيهن سفيانية إلا ملتزمة تبكي» (٤).


(١) رواه البلاذري في أنساب الأشراف (٣/ ٢١٩، ٢٢٠) بسند حسن.
(٢) منهاج السنة (٤/ ٥٥٩).
(٣) أي النساء من أهل يزيد.
(٤) رواه الطبري (٥/ ٤٦٤).

<<  <   >  >>