للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقد ولى النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - أبا سفيان على نجران، ومات رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - وهو أمير عليها، واستعمل على مكة عتاب بن أسيد بن أبي العاص بن أمية، واستعمل خالد بن سعيد بن العاص بن أمية على صدقات مَذْحج وصنعاء اليمن، ولم يزل عليها حتى مات النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -، واستعمل عمرو بن العاص على تيماء وخيبر وقرى عرينة، وأبان بن سعيد بن العاص استعمله أيضًا على البحرين برها وبحرها حين عزل العلاء بن الحضرمي، فلم يزل عليها حتى مات النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - وأرسله قبل ذلك أميرًا على سرايا منها سرية إلى نجد وولاه عمر - رضي الله عنه -، ولا يتهم لا في دينه ولا في سياسته.

ومعاوية - رضي الله عنه - ولاه رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - على بعض عمله، واستخدمه كاتبًا بين يديه، وولاه أبو بكر الصَّدَّيق من بعده، ولم يطعن في كفاءته أحد.

وأما ما روي عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - أنه قال: «اذهبوا فأنتم الطلقاء» (١)، فهذه الكلمات، جعل بعض الناس منها سُبَّة في جبين بني أمية وحدهم، وجعلوا يعيرونهم بأنهم الطلقاء وأبناء الطلقاء، ولم يفهموا أن هؤلاء الطلقاء وأبناءهم قد أسلموا وحسن إسلامهم، وكانت لهم مواقف مشهودة في نصرة الإسلام في الفتوحات في حياة الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - وبعد وفاته في عهد خلفائه الراشدين.

وهاهنا عدة نقاط متعلقة بوصف الطلقاء منها:

١ـ إن هذا الاتهام وليد عصر الخصومة الحزبية الحادة، لما تفجرت الأحقاد ضد بني أمية في أواخر عهد عثمان - رضي الله عنه - وبعد بروز نجم معاوية بن أبي سفيان - رضي الله عنهما - وخلافه مع علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -، حيث أصبح ذلك الوصف يعني عندهم أنهم قوم ضعاف الإيمان، دخلوا الإسلام رغبة في غنائمه، أو رهبة من القتل، ليكيدوا لأهله ويفيدوا أنفسهم.


(١) تنبيه: حديث «اذهبوا فأنتم الطلقاء» ضعّفه العراقي في تخريج أحاديث الإحياء، والألباني في السلسلة الضعيفة والموضوعة (٣/ ٣٠٧).

<<  <   >  >>