للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأهل العلم في هذا الحديث ـ حديث عمار ـ على ثلاثة أقوال:

١ - فطائفة ضعفته لما روي عندها بأسانيد ليست ثابتة عندهم، ولكن رواه أهل الصحيح، رواه البخاري ومسلم.

٢ - ومنهم من قال: هذا دليل على أن معاوية وأصحابه بغاة، وأن قتال عليّ لهم قتال أهل العدل لأهل البغي، لكنهم بغاة متأولون لا يُكفرون ولا يُفسقون.

٣ - والقول الثالث في هذا الحديث ـ حديث عمار ـ إنَّ قاتِل عمار طائفة باغية، ليس لهم أن يقاتلوا عليًا، ولا يمتنعوا عن مبايعته وطاعته، وإن لم يكن عليّ مأمورًا بقتالهم، ولا كان فرضًا عليه قتالهم لمجرد امتناعهم عن طاعته، مع كونهم ملتزمين شرائع الإسلام، وإن كان كل من المقتتلتَيْن متأولين مسلمين مؤمنين، وكلهم يُستغفر لهم ويُترحم عليهم، عملًا بقوله تعالى: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (١٠)} (الحشر:١٠).

فكان الصواب أن لا يكون قتال، وكان ترك القتال خيرًا للطائفتين، فليس في الاقتتال صواب، ولكن عليًّا كان أقرب إلى الحق من معاوية - رضي الله عنهما -، والقتال قتال فتنة ليس بواجب ولا مستحب، وكان ترك القتال خيرًا للطائفتين، مع أن عليًا - رضي الله عنه - كان أوْلَى بالحق.

وهذا قول الإمام أحمد وأكثر أهل الحديث أئمة الفقه، وهو قول أكابر الصحابة والتابعين لهم بإحسان، وهو قول عمران بن حُصيْن - رضي الله عنه -، وكان ينهي عن بيع السلاح في ذلك القتال، ويقول: «هو بيع السلاح في الفتنة»، وهو قول أسامة بن زيد، ومحمد بن مسلمة، وابن عمر، وسعد بن أبي وقاص، وأكثر من بقي من السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار - رضي الله عنهم -.

<<  <   >  >>