للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والتحريم وأحكام النسب تتبعض كما يثبت بالرضاع التحريم والمحرمية ولا يثبت بها سائر أحكام النسب وهذا كله متفق عليه.

والذين أطلقوا على الواحد من أولئك أنه خال المؤمنين لم ينازعوا في هذه الأحكام ولكن قصدوا بذلك الإطلاق أن لأحدهم مصاهرة مع النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - واشتهر ذكرهم لذلك عن معاوية - رضي الله عنه - كما اشتهر أنه كاتب الوحي وقد كتب الوحي غيره، فهم لا يذكرون ما يذكرون من ذلك لاختصاصه به بل يذكرون ما له من الاتصال بالنبي - صلى الله عليه وآله وسلم - كما يذكرون في فضائل غيره ما ليس من خصائصه، كقوله - صلى الله عليه وآله وسلم - لعلي - رضي الله عنه -: «لأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ رَجُلًا يُحِبُّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيُحِبُّهُ اللهُ وَرَسُولُهُ». (رواه البخاري ومسلم).

وقول علي - رضي الله عنه -: «وَالَّذِى فَلَقَ الْحَبَّةَ وَبَرَأَ النَّسَمَةَ إِنَّهُ لَعَهْدُ النَّبِىِّ الأُمِّىِّ - صلى الله عليه وآله وسلم - إِلَىَّ «أَنْ لاَ يُحِبَّنِى إِلاَّ مُؤْمِنٌ وَلاَ يُبْغِضَنِى إِلاَّ مُنَافِقٌ». (رواه مسلم).

فهذان الأمران ليسا من خصائص علي - رضي الله عنه - لكنهما من فضائله ومناقبه التي تعرف بها فضيلته واشتهر رواية أهل السنة لها ليدفعوا بها قدْح مَن قدَح في علي - رضي الله عنه - من الخوارج وغيرهم حيث جعلوه كافرًا أو ظالمًا.

ومعاوية - رضي الله عنه - أيضا لما كان له نصيب من الصحبة والاتصال برسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - وصار أقوام يجعلونه كافرًا أو فاسقًا ويستحلون لعنته ونحو ذلك احتاج أهل العلم أن يذكروا ما له من الاتصال برسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - ليرعى بذلك حق المتصلين برسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - بحسب درجاتهم.

وهذا القدر لو اجتهد فيه الرجل وأخطأ لكان خيرًا ممن اجتهد في بغضهم وأخطأ فإن باب الإحسان إلى الناس والعفو عنهم مقدم على باب الإساءة والانتقام، فخطأ المجتهد في الإحسان إليهم بالدعاء والثناء عليهم والذب عنهم خير من خطئه في الإساءة إليهم باللعن والذم والطعن.

<<  <   >  >>