للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

منهج الإمام الطبري في تاريخه:

لقد أراحنا الإمام الطبري - رحمه الله - من هذه المسألة بمقدمة كتبها في أول كتابه , ليت الذين يقرؤون التاريخ يقرؤون هذه المقدمة (١).

يقول الإمام الطبري في مقدمة تاريخه:

«وليعلم الناظر في كتابنا هذا أن اعتمادي في كل ما أحضرت ذكره فيه مما شرطت أني راسمه فيه , إنما هو على ما رُوِّيتُ من الأخبار التي أنا ذاكرها فيه والآثار التي أنا مُسْنِدُها إلى رواتها.

فما يكن في كتابي هذا من خير ذكرناه عن بعض الماضين مما يستنكره قارئه أو يستشنعه سامعه , من أجل أنه لم يعرف له وجهًا من الصحة ولا معنى في الحقيقة فليعلم أنه لم يُؤْتَ في ذلك مِن قِبَلِنَا وإنما أتِيَ مِنْ قِبَل ناقليه إلينا، وإنا إنما أدَّيْنا ذلك على نحو ما أدِّيَ إلينا».

إن الإمام الطبري بهذه المقدمة التي قدم لكتابه ألقى العهدة عليك أيها القارئ فهو يقول لك: إذا وجدت في كتابي هذا خبرًا تستشنعه ولا تقبله فانظر عمن رُوِّيناه والعهدة عليه، وعليَّ أن أذكر من حدثني بهذا، فإن كان ثقة فاقبل وإن لم يكن ثقة فلا تقبل.

وهذا الأمر قام به أكثر المحدثين , فحين ترجع إلى كتب الحديث غير الصحيحين اللذين تعهدا بإخراج الصحيح فقط , كأن ترجع إلى سنن الترمذي , أو أبي داود , أو الدارقطني , أو الدارمي أو مسند أحمد أو غيرها من الكتب تجدهم يذكرون لك الإسناد ولم يتعهدوا بذكر الصحيح فقط وإنما ذكروا لك الإسناد، وانظر أنت إلى الإسناد إذا كان السند صحيحًا فاقبل وإن لم يكن صحيحًا فرُدّه.

والطبري هنا لم يتعهد أن ينقل الصحيح فقط إنما تعهد أن يحدثك عمن نقل عنه، يحدثك باسمه فإذا كان الأمر كذلك فلا عهدة على الإمام الطبري رحمه الله تعالى.


(١) بل ينبغي لكل إنسان إذا أراد أن يقرأ كتابًا من الكتب أن يقرأ مقدمة الكتاب حتى يعرف منهج المؤلف.

<<  <   >  >>