للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نحو القسطنطينية، فيها خير دليل على أن يزيد كان يتميز بالاستقامة، وتتوفر فيه كثير من الصفات الحميدة، ويتمتع بالكفاءة والمقدرة لتأدية ما يوكل إليه من مهمات.

وقد روى البخاري في صحيحه عن أم حَرَام الأنصارية - رضي الله عنها - أنها سمعت النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - يَقُولُ: «أَوَّلُ جَيْشٍ مِنْ أُمَّتِي يَغْزُونَ الْبَحْرَ قَدْ أَوْجَبُوا».

قَالَتْ أُمُّ حَرَامٍ - رضي الله عنها - قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَنَا فِيهِمْ؟»

قَالَ: «أَنْتِ فِيهِمْ».

ثُمَّ قَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وآله وسلم -: «أَوَّلُ جَيْشٍ مِنْ أُمَّتِي يَغْزُونَ مَدِينَةَ قَيْصَرَ مَغْفُورٌ لَهُمْ»

فَقُلْتُ: «أَنَا فِيهِمْ يَا رَسُولَ اللهِ؟»

قَالَ: «لَا». (رواه البخاري).

(مَدِينَةَ قَيْصَر) يَعْنِي الْقُسْطَنْطِينِيَّة.

(قَدْ أَوْجَبُوا) أَيْ فَعَلُوا فِعْلًا وَجَبَتْ لَهُمْ بِهِ الْجَنَّة.

قَالَ الْمُهَلَّب: فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَنْقَبَة لِمُعَاوِيَة لِأَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ غَزَا الْبَحْرَ، وَمَنْقَبَةٌ لِوَلَدِهِ يَزِيد لِأَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ غَزَا مَدِينَةَ قَيْصَرَ. (١)

وأخرج البخاري عن محمود بن الربيع في قصة عتبان بن مالك قال محمود: «فَحَدَّثْتُهَا قَوْمًا فِيهِمْ أَبُو أَيُّوبَ صَاحِبُ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم - فِي غَزْوَتِهِ الَّتِي تُوُفِّيَ فِيهَا وَيَزِيدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ عَلَيْهِمْ بِأَرْضِ الرُّومِ».

٧ - ولنستمع إلى وجهة النظر التي أبداها الأستاذ محب الدين الخطيب - حول مسألة ولاية العهد ليزيد - وهي جديرة بالأخذ بها للرد على ما سبق، فهو يقول (٢):

«إن كان مقياس الأهلية لذلك أن يبلغ مبلغ أبي بكر وعمر في مجموع سجاياهما، فهذا ما لم يبلغه في تاريخ الإسلام، ولا عمر بن عبد العزيز، وإن طمعنا بالمستحيل


(١) باختصار من (فتح الباري).
(٢) في تعليقه على العواصم من القواصم لابن العربي (ص٢٢١).

<<  <   >  >>