للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الْمُسْلِمَانِ بِسَيْفَيْهِمَا؛ فَالْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ فِي النَّارِ».

قَالَ: فَقُلْتُ أَوْ قِيلَ: «يَا رَسُولَ اللهِ، هَذَا الْقَاتِلُ فَمَا بَالُ الْمَقْتُولِ؟».

قَالَ: «إِنَّهُ قَدْ أَرَادَ قَتْلَ صَاحِبِهِ».

واستدلال أبي بكرة - رضي الله عنه - بهذا الحديث يدل على عدم تكفيره لمعاوية حيث يعتبره وعليًا - رضي الله عنهما - ومن معهما من المسلمين.

خامسًا: هل خفي على أبي بكرة - رضي الله عنه - أنه روى ثناء الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - على الحسن - رضي الله عنه - في حقنه لدماء المسلمين وتنازله عن الملك لمعاوية، فعن أَبي بَكْرَةَ - رضي الله عنه - قال: «رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم - عَلَى الْمِنْبَرِ وَالْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ إِلَى جَنْبِهِ وَهُوَ يُقْبِلُ عَلَى النَّاسِ مَرَّةً وَعَلَيْهِ أُخْرَى، وَيَقُولُ: «إِنَّ ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ، وَلَعَلَّ اللهَ أَنْ يُصْلِحَ بِهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ عَظِيمَتَيْنِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ» (رواه البخاري).

فهل يعقل بعد ذلك أن يكفِّر معاوية؟!!

قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -: «فَلَمَّا أَثْنَى النَّبِيُّ - صلى الله عليه وآله وسلم - عَلَى الْحَسَنِ بِالْإِصْلَاحِ وَتَرْكِ الْقِتَالِ دَلَّ عَلَى أَنَّ الْإِصْلَاحَ بَيْنَ تِلْكَ الطَّائِفَتَيْنِ كَانَ أَحَبَّ إلَى اللهِ تَعَالَى مِنْ فِعْلِهِ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الِاقْتِتَالَ لَمْ يَكُنْ مَأْمُورًا بِهِ.

وَلَوْ كَانَ مُعَاوِيَةُ كَافِرًا لَمْ تَكُنْ تَوْلِيَةُ كَافِرٍ وَتَسْلِيمُ الْأَمْرِ إلَيْهِ مِمَّا يُحِبُّهُ اللهُ وَرَسُولُهُ؛ بَلْ دَلَّ الْحَدِيثُ عَلَى أَنَّ مُعَاوِيَةَ وَأَصْحَابَهُ كَانُوا مُؤْمِنِينَ؛ كَمَا كَانَ الْحَسَنُ وَأَصْحَابُهُ مُؤْمِنِينَ؛ وَأَنَّ الَّذِي فَعَلَهُ الْحَسَنُ كَانَ مَحْمُودًا عِنْدَ اللهِ تَعَالَى مَحْبُوبًا مُرْضِيًا لَهُ وَلِرَسُولِهِ - صلى الله عليه وآله وسلم -» (١).


(١) مجموع الفتاوى (٤/ ٤٦٧).

<<  <   >  >>