للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد ردّ على هذا الاتهام الدكتور خالد الغيث بقوله:

« ... أما اتهام معاوية - رضي الله عنه - باستلحاق نسب زياد، فإني لم أقف على رواية صحيحة صريحة العبارة تؤكد ذلك، هذا فضلًا عن أن صحبة معاوية - رضي الله عنه -، وعدالته ودينه وفقهه تمنعه من أن يرد قضاء رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - لاسيما وأن معاوية أحد رواة حديث: «الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ» (١).

ووجَّه الدكتور خالد الغيث التهمة إلى زياد بن أبيه بأنه هو الذي ألحق نسبه بنسب أبي سفيان واستدل برواية أخرجها مسلم في صحيحه من طريق أَبِي عُثْمَانَ النهدي قَالَ: «لَمَّا ادَّعَى زِيَادٌ لَقِيتُ أَبَا بَكْرَةَ فَقُلْتُ لَهُ مَا هَذَا الَّذِي صَنَعْتُمْ؛ إِنِّي سَمِعْتُ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ يَقُول: سَمِعَ أُذُنَايَ مِنْ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم - وَهُوَ يَقُولُ: «مَنْ ادَّعَى أَبًا فِي الْإِسْلَامِ غَيْرَ أَبِيهِ يَعْلَمُ أَنَّهُ غَيْرُ أَبِيهِ فَالْجَنَّةُ عَلَيْهِ حَرَامٌ».

فَقَالَ أَبُو بَكْرَةَ: «وَأَنَا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم -».

قال الإمام النووي - رحمه الله - مُعلقًا على هذا الخبر:

«فَمَعْنَى هَذَا الْكَلَام الْإِنْكَار عَلَى أَبِي بَكْرَة؛ وَذَلِكَ أَنَّ زِيَادًا هَذَا الْمَذْكُورُ هُوَ الْمَعْرُوف بِزِيَادِ بْن أَبِي سُفْيَان، وَيُقَال فِيهِ: زِيَادُ بْن أَبِيهِ، وَيُقَال: زِيَاد بْن أُمِّهِ، وَهُوَ أَخُو أَبِي بَكْرَة لِأُمِّهِ، وَكَانَ يُعْرَف بِزِيَادِ بْن عُبَيْد الثَّقَفِيّ، ثُمَّ اِدَّعَاهُ مُعَاوِيَة بْن أَبِي سُفْيَان وَأَلْحَقَهُ بِأَبِيهِ أَبِي سُفْيَان، وَصَارَ مِنْ جُمْلَة أَصْحَابه بَعْد أَنْ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ عَلِيّ بْن أَبِي


(١) مرويات خلافة معاوية في تاريخ الطبري (ص ٣٧٢ - ٣٧٩)، وانظر: فتح الباري (١٢/ ٣٩).

<<  <   >  >>