للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تِلْكَ الْحُرُوب إِلَّا عَنْ اِجْتِهَاد وَقَدْ عَفَا اللهُ تَعَالَى عَنْ الْمُخْطِئ فِي الِاجْتِهَاد، بَلْ ثَبَتَ أَنَّهُ يُؤْجَر أَجْرًا وَاحِدًا وَأَنَّ الْمُصِيب يُؤْجَر أَجْرَيْنِ» (١).

إن كتابة تاريخ الخلفاء الراشدين بصفة خاصة وتاريخ الصحابة بصفة عامة ـ من زاوية الرصد الإسلامي ـ ضرورة لازمة للأمة الإسلامية وليست نافلة يمكن الاستغناء عنها» اهـ. (٢)

إن البحث فيما شجر بين الصحابة - رضي الله عنهم -، لا يقرب العبد إلى الله زلفى، فهم قد لقوا ربهم وهو أعلم بما شجر بينهم، فإن كان الأمر لا يقربك إلى الله زلفى وإنما قد يقودك إلى النار وأنت لا تعلم، فتجنبه أولى؛ إلا في حالة واحدة، وهي إن ظهر مبتدع مبطل يقدح فيهم بالباطل، فيجب الدفاع عنهم بحق وعدل مع التنبيه إلى أنه لا يدافع عن بعضهم فيقع في سب آخرين منهم، إنما يكون الدفاع عنهم - رضي الله عنهم - جميعًا، وإلا فيجب الصت والإمساك عما شجر بينهم.

ومعنى الإمساك عما شجر بين الصحابة - رضي الله عنهم -، هو عدم الخوض فيما وقع بينهم من الحروب والخلافات على سبيل التوسع وتتبع التفصيلات، ونشر ذلك بين العامة، أو التعرض لهم بالتنقّص لفئة والانتصار لأخرى.

وهذا هو الذي دل عليه الحديث الثابت عند الطبراني وغيره أن رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - قال: «إِذَا ذُكِرَ أَصْحَابِي فَأَمْسِكُوا» (٣).

وقد فسر المناوي الحديث بأن معناه: ما شجر بينهم ـ أي الصحابة ـ من الحروب والمنازعات (٤).


(١) فتح الباري (١٣/ ٣٧).
(٢) تحقيق مواقف الصحابة في الفتنة للأستاذ الدكتور محمد أمحزون ص٦٠١ - ٦٠٦ بتصرف يسير.
(٣) انظر: السلسة الصحيحة للألباني (١/ ٧٥).
(٤) فيض القدير (٢/ ٦٧٦).

<<  <   >  >>