للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وكان مع الحسن بن علي - رضي الله عنهما - أكثر من أربعين ألفًا بايعوه على الموت وكان في معسكره كثير من القواد الكبار، كأخيه الحسين، وابن عمه عبد الله بن جعفر، وقيس بن سعد بن عبادة، وعدي بن حاتم وغيرهم فلو أراد الخلافة لأعطي المجال لقياداته للتحرك نحو تعبئة الناس والدخول في الحرب مع معاوية وعلى الأقل يكون خليفة على دولته إلى حين.

إن تسليم الحسن بن علي - رضي الله عنهما - الخلافة إلى معاوية - رضي الله عنه - مع أنه كان معه أكثر من أربعين ألفًا بايعوه على الموت، ليدل على مكانة معاوية - رضي الله عنه - فلو لم يكن أهلًا لها لما سلمها السبط الطيب إليه ولَحَاربه (١).

عن الْحَسَن قال: «اسْتَقْبَلَ وَاللهِ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ مُعَاوِيَةَ بِكَتَائِبَ أَمْثَالِ الْجِبَالِ، فَقَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ: «إِنِّي لَأَرَى كَتَائِبَ لَا تُوَلِّي حَتَّى تَقْتُلَ أَقْرَانَهَا».

فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَةُ ـ وَكَانَ وَاللهِ خَيْرَ الرَّجُلَيْنِ ـ: «أَيْ عَمْرُو، إِنْ قَتَلَ هَؤُلَاءِ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ هَؤُلَاءِ مَنْ لِي بِأُمُورِ النَّاسِ؟ مَنْ لِي بِنِسَائِهِمْ؟ مَنْ لِي بِضَيْعَتِهِمْ؟»

فَبَعَثَ إِلَيْهِ رَجُلَيْنِ مِنْ قُرَيْشٍ مِنْ بَنِي عَبْدِ شَمْسٍ ـ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ سَمُرَةَ وَعَبْدَ اللهِ بْنَ عَامِرِ بْنِ كُرَيْزٍ ـ فَقَالَ: «اذْهَبَا إِلَى هَذَا الرَّجُلِ فَاعْرِضَا عَلَيْهِ، وَقُولَا لَهُ، وَاطْلُبَا إِلَيْهِ».

فَأَتَيَاهُ فَدَخَلَا عَلَيْهِ فَتَكَلَّمَا وَقَالَا لَهُ، فَطَلَبَا إِلَيْهِ، فَقَالَ لَهُمَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ: «إِنَّا بَنُو عَبْدِ الْمُطَّلِبِ قَدْ أَصَبْنَا مِنْ هَذَا الْمَالِ وَإِنَّ هَذِهِ الْأُمَّةَ قَدْ عَاثَتْ فِي دِمَائِهَا».

قَالَا: «فَإِنَّهُ يَعْرِضُ عَلَيْكَ كَذَا وَكَذَا وَيَطْلُبُ إِلَيْكَ وَيَسْأَلُكَ».

قَالَ: «فَمَنْ لِي بِهَذَا؟».

قَالَا: «نَحْنُ لَكَ بِهِ».

فَمَا سَأَلَهُمَا شَيْئًا إِلَّا قَالَا: «نَحْنُ لَكَ بِهِ»، فَصَالَحَهُ.


(١) بتصرف من كتاب الدولة الأموية للصلابي (٢٢٩ - ٢٤٤).

<<  <   >  >>