قَالَ: فَرَجَعَ عَلِيّ إِلَى الْكُوفَة، فَلَمَّا قُتِلَ وَاسْتَخْلَفَ الْحَسَن وَصَالَحَ مُعَاوِيَة كَتَبَ إِلَى قَيْس بْن سَعْد بِذَلِكَ فَرَجَعَ عَنْ قِتَال مُعَاوِيَة.
وَأَخْرَجَ الطَّبَرِيُّ بِسَنَدٍ صَحِيح عَنْ يُونُس بْن يَزِيد عَنْ الزُّهْرِيّ قَالَ: «جَعَلَ عَلِيّ عَلَى مُقَدِّمَة أَهْل الْعِرَاق قَيْس بْن سَعْد بْن عُبَادَةَ وَكَانُوا أَرْبَعِينَ أَلْفًا بَايَعُوهُ عَلَى الْمَوْت، فَقُتِلَ عَلِيّ فَبَايَعُوا الْحَسَن بْن عَلِيّ بِالْخِلَافَةِ، وَكَانَ لَا يُحِبّ الْقِتَال وَلَكِنْ كَانَ يُرِيد أَنْ يَشْتَرِط عَلَى مُعَاوِيَة لِنَفْسِهِ، فَعَرَفَ أَنَّ قَيْس بْن سَعْد لَا يُطَاوِعهُ عَلَى الصُّلْح فَنَزَعَهُ وَأَمَّرَ عَبْد اللَّه بْن عَبَّاس فَاشْتَرَطَ لِنَفْسِهِ كَمَا اِشْتَرَطَ الْحَسَن».
قَالَ اِبْن بَطَّال: «سَلَّمَ الْحَسَن لِمُعَاوِيَةَ الْأَمْر وَبَايَعَهُ عَلَى إِقَامَة كِتَاب اللَّه وَسُنَّة نَبِيّه - صلى الله عليه وآله وسلم -، وَدَخَلَ مُعَاوِيَة الْكُوفَة وَبَايَعَهُ النَّاس فَسُمِّيَتْ سَنَة الْجَمَاعَة لِاجْتِمَاعِ النَّاس وَانْقِطَاع الْحَرْب. وَبَايَعَ مُعَاوِيَةَ كُلّ مَنْ كَانَ مُعْتَزِلًا لِلْقِتَالِ كَابْنِ عُمَر وَسَعْد بْن أَبِي وَقَّاص وَمُحَمَّد بْن مَسْلَمَةَ، وَأَجَازَ مُعَاوِيَة الْحَسَن بِثَلَاثِمِائَةِ أَلْف وَأَلْف ثَوْب وَثَلَاثِينَ عَبْدًا وَمِائَة جَمَل، وَانْصَرَفَ إِلَى الْمَدِينَة، وَوَلَّى مُعَاوِيَة الْكُوفَة الْمُغِيرَة بْن شُعْبَة وَالْبَصْرَة عَبْد اللَّه بْن عَامِر وَرَجَعَ إِلَى دِمَشْق.
قَوْله (قَالَ عَمْرو بْن الْعَاصِ لِمُعَاوِيَةَ: أَرَى كَتِيبَة لَا تُوَلِّي) بِالتَّشْدِيدِ أَيْ لَا تُدْبِرُ.
قَوْله (حَتَّى تُدْبِر أُخْرَاهَا) أَيْ الَّتِي تُقَابِلهَا.
(قَالَ مُعَاوِيَة مَنْ لِذَرَارِيِّ الْمُسْلِمِينَ) أَيْ مَنْ يَكْفُلهُمْ إِذَا قُتِلَ آبَاؤُهُمْ؟
وَالْمُرَاد بِقَوْلِهِ (ضَيْعَتهمْ) الْأَطْفَال وَالضُّعَفَاء سُمُّوا بِاسْمِ مَا يَئُولُ إِلَيْهِ أَمْرهمْ لِأَنَّهُمْ إِذَا تُرِكُوا ضَاعُوا لِعَدَمِ اِسْتِقْلَالهمْ بِأَمْرِ الْمَعَاش.
وَأَمَّا قَوْله هُنَا فِي جَوَاب قَوْل مُعَاوِيَة: «مَنْ لِذَرَارِيِّ الْمُسْلِمِينَ؟ فَقَالَ: «أَنَا» فَظَاهِره يُوهِم أَنَّ الْمُجِيب بِذَلِكَ هُوَ عَمْرو بْن الْعَاصِ، وَلَمْ أَرَ فِي طُرُق الْخَبَر مَا يَدُلّ عَلَى ذَلِكَ، فَإِنْ كَانَتْ مَحْفُوظَة فَلَعَلَّهَا كَانَتْ: (فَقَالَ أَنَّى) بِتَشْدِيدِ النُّون الْمَفْتُوحَة، قَالَهَا عَمْرو عَلَى سَبِيل الِاسْتِبْعَاد.
قَوْله (فَقَالَ عَبْد اللَّه بْن عَامِر وَعَبْد الرَّحْمَن بْن سَمُرَة: نَلْقَاهُ فَنَقُول لَهُ الصُّلْح)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute