المؤذنة بالنجاح، والبرج هذا على الساحل بين النخيل، التي آخرها يتصل به النيل بالبحر الرومي، وفيه قيل:
كانّ التقاءُ النيلِ بالبحرِ إذ هما ... مليكان سارا في جحافل من جندِ
وقد نزلا للحربِ واصطدم اللقا ... فلا طعن إلا بالمثقّفة المُلدِ
وعلى ذكر البحر قيل لرجل ما اسمك؟ قال: بحر. قيل: من أبوك؟ قال: أبو الفيض. قيل: ابن من؟ قال: ابن الفرات. قيل: ينبغي لصديقك أن لا يلقاك إلا في زورق. انتهى.
فلما ارتفعت الشمس هبت الرياح الشرقية، فما سرنا يسيراً حتى دخلنا البحر العجاج، فإذا هو متلاطم الأمواج كثير الفزع والانزعاج، وكيف لا والداخل فيه مفقود، والخارج منه مولود!
لا أركبُ البحر أخشى ... عليّ منه المعاطب
طينٌ أنا وهو ماءٌ ... والطينُ في الماءِ ذائب
وقال:
خلقتُ طيناً وماء البحر يتلفني ... والقلبُ فيه نفور عن مَراكبهِ
البحر غير رفيق بالرفيق لهُ ... والبَرُّ مثل اسمهِ بَرٌّ براكبهِ
وقال:
البحر مرّ المذاق صعبٌ ... لا رجعت حاجتي إليهِ
أليسَ ماءٌ ونحن طينٌ ... فما عسى صبرنا عليهِ
وقال:
البحرُ أهون من مرارةِ مائهِ ... أن تستقر بأضلعي الرمضاءُ
فعليه يوم سرورنا بفراقهِ ... من كلّ قلع راية بيضاءُ
فما زالت تفسر لنا معاني الرفع والخفض أمواجه، والريح يجزم بأن ينالنا من