للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقلت:

إذا عزَّ من تهوى ولم ترَ حيلةً ... فليس سوى الدينار أرجى وأرجحُ

يهوّن صعب الأمر في كلّ معضل ... وفي كلّ أمر فهو أنجى وأنجحُ

ولقد كنت أزعم أن أصير باختلاطي بالروم بعد العرب جامع الفضيلتين، ولا أقول القياس إنَّما يتبع أخس المقدمتين، إلا أنني حصلت من الفقه على مسائل الطهارة، وفي الإشارة ما يغني عن العبارة، وصرت لا أعرف من النحو بعد ذلك الثبوت إلا كثر شربي السَويق وهو مَلْتوت ولا أفهم من التصريف مقالاً، إلا قاتل يقاتل

مقاتلة وقتالاً، ولا من المنطق بعد بذل المجهود، إلا إذا كانت الشمس طالعة فالنهار موجود، ولو شرحت مطوَّل جهلي بالأصول، وقلة مالي فيه من المحصول، لتلخَّص للطالب من مختصر التلخيص تخليص، وتخصيص من تهذيب الكلام بأوفى تخصيص.

ولرحمة المتوجعين حرارة ... في القلب مثل شماتة الأعداءِ

وقال:

وحار لُبِّي لِما بليتُ بهِ ... من الليالي وصرفها عَجَبُ

وقال:

وضاقَ ذرعي لضيقِ ذاتِ يدي ... وساورتني الهموم والكرَبُ

وقادني دهريَ الملوم إلى ... سلوك ما يستشينه الحسَبُ

ولقد كان يخطر مثل ذلك بالبال، ويُرسم في لوح الخيال، لما اشتهر من مذلّة السؤال، وقلة الاحتفال، ولقد سلمت من المصائب، لو تحققت بقول علي بن أبي طالب، وذلك في وصيته لابنه الحسن عند انصرافه من صفين، والله تعالى الموفق والمعين: يا بنيَّ إن استطعت أن لا يكون بينك وبين الله تعالى ذو نعمة فافعل، فإنك مدرك قسمك، وآخذ سهمك، وإن اليسير من الله تعالى سبحانه، أكرم وأعظم من الكثير من خلقه، وإن كان كلّ منه، قلت لله ما أحلى هذا الوصل، فليتني تحققت به وأخذت بسببه.

وإذا جرّب المجرّبَ غَمْرٌ ... فعليه إذا أصيب المَلامُ

<<  <   >  >>