للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال:

لا تكن طالباً لِما في يدِ النا ... س فيزّورّ عن لقاءكَ الصديقُ

إنَّما الذلُّ في سؤالك للنا ... س ولو في سؤال أين الطريقُ

وقال:

لا أبتغي بالشعرِ رزقاً ولو ... كنت على جيده أقدرُ

كيف وعلمي أن لي رازقاً ... يرزقني من حيث لا أشعرُ

وقال:

من عفّ خفّ عن الصديق لقاؤهُ ... وأخو الحوائجِ وجههُ مملولُ

وأخوكَ من وفرت ما في كيسهِ ... فإذا اعترضت له فأنت ثقيلُ

فها أنا أخفض لهم الجناح، وأرفع عنهم الجناح، لأن الأمر مراحمه لا مزاحمه، ومحاسنه لا مخاشنه، ومناسبة لا محاسبة:

وعني بالتلويح يفهم ذائق ... غنيٌّ عن التصريح للمتعنت

فمشيت على هذا السنن القويم، والمسلك المستقيم، متحاشياً عن المباراة متجنباً ما إستطعت عن المماراة، فإنهما يهدمان الدين ويعدمان اليقين:

وما كنتُ أدري قبل عزةَ ما البُكا ... ولاموجعات القلبِ حتى تولتِ

فإن أجنِ من غرسِ المُنى ثمر العنا ... فللهِ نفس في مُناها تمنتِ

ولست بالمتصدي للقيل والقال، ولا المتعدي بالجدال إلى المحال، وكم من متشبه لم يحك المثال، وناقل لم يحك عن النوال، وأين الماء من السماء؟ وموقع السيل من مطلع سهيل؟

تعرض قومٌ للغرامِ وأعرضوا ... بجانبهم عن صحبةٍ فيه واعتلوا

رضوا بالأماني وابْتُلُوا بحظوظهم ... وخاضوا بحارَ الحبِّ دعوى فما ابتَّلوا

هذا ومن أجاب داعي الهوى يوشك أن لا يجاب، إذا هو في هوّة الهوان، لا جرم

أن العثار سابق إلى قدمه، والاغترار سائق إلى ندمه، ألا يرى حسن

<<  <   >  >>