"فهذه هي تركة السبئيين تلقفها الشيعة منهم وتوارثها آباء آبائهم قبل، وهذه أحد الأدلة بأن شيعة اليوم لم يكوّنوا مذهبهم ولم يؤسسوا قواعده وأركانه إلا على الأسس التي وضعها السبئية، وليس لهم علاقة بالشيعة الأولى، شيعة عليّ وأولاده، لا من قريب ولا من بعيد وكما سنبينه قريبًا إن شاء الله في موضعه.
فالإيرادات هذه التي اخترعها واختلق بعضها السبئيون ردّ عليها ذو النورين في حينها كما ذكرناه آنفًا من الطبري وغيره، ولم يكن لبعض منها وجود آنذاك، وقد تصدى للرد على جميع هذه الأكاذيب والأباطيل أعيان هذه الأمة وأسلافها، وأئمة السنة وأعلامها، مثل شيخ الإسلام ابن تيمية حيث ذكر واحدًا واحدًا منها ثم ردّ عليها بالأصول الثابتة والبراهين الساطعة. وكذلك تلميذه الذهبي حيث لخص كتابه، والقاضي أبو بكر بن العربي وغيرهم من العلاء والمتكلمين والفقهاء. وفي شبه القارة الهندية الباكستانية انبرى لها الكثيرون وعلى رأسهم الحكيم الدهلوي وليّ الله
صاحب (حجة الله البالغة) و (قرة العينين في تفضيل الشيخين) و (إزالة الخفاء عن خلافة الخلفاء) وابنه عبد العزيز الدهلوي الذي لخص كتابه الآلوسي الصغير وغيره الكثيرون الكثيرون، ولكن القوم تعوّدوا على الكذب والإصرار عليه، ويكثرون كيما ينطلي على السذج والمغفلين من الناس.
ولكن لأننا بدأنا في البحث عن السبئية وأفكارهم والفرق التي تفرعت من الشيعة وتاريخها وتبنيها أفكارهم دون أفكار الشيعة الأولى أردنا ذكر هذه المطاعن، وعلاوة على ذلك نبتغي من الرد عليها بأسلوبنا الخاص وذكرنا الاستشهادات من كتب القوم ابتغاء مرضاة الله للدفاع عن حمى الإسلام والذود عن أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، الذين نحبهم لحب