للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

"ثم جهز علي عائشة بكل شيء ينبغي لها من مركب أو زاد أو متاع وأخرج معها كل من نجا ممن خرج معها إلا من أحب المقام واختار لها أربعين امرأة من نساء أهل البصرة المعروفات وقال: تجهز يا محمد فبلغها، فلما كان اليوم الذي ترتحل فيه جاءها حتى وقف لها، وحضر الناس فخرجت على الناس وودّعوها وودّعتهم، وقالت: يا بني تعتب بعضنا على بعض استبطاء واستزادة فلا يعتدين أحد منكم على أحد بشيء بلغه من ذلك، إنه والله ما كان بيني وبين عليّ في القديم إلا ما يكون بين المرأة وأحمائها، وإنه عندي على معتبتي من الأخيار. وقال عليّ: يا أيها الناس صدقت والله وبرّت، ما كان بيني وبينها إلا ذلك، وإنها لزوجة نبيكم صلى الله عليه

وسلم في الدنيا والآخرة. وخرجت يوم السبت لغرة رجب سنة ٣٦ وشيعها عليّ أميالاً وسرح بنيه معها يومًا" (١) "

هذا آخر ما أردنا ذكره من مؤامرات السبئية ومن مخططاتها ولأجل ذلك دخل اليهودي الملعون في الإسلام وتستر بالكفر وتظاهر بالحب لعليّ وآل بيته، وفعل هو وجماعته السبئيون هذه الشناعات المنكرة التي جرّت إلى أن تتمنى أم المؤمنين حبيبة رسول الله عائشة وأمير المؤمنين ربيب رسول الله عليّ أن كانا أمواتًا قبل وقوع هذه الحوادث.

وقبل أن نأتي إلى خاتمة هذا الكلام في الحرب نريد أن نذكر أن عليًّا - رضي الله عنه - لم يكن يعد محاربيه كفارًا كما نقلنا الكلام عن جميع المؤرخين آنفًا، ولقد أقرّ بذلك الشيعة أنفسهم حيث أوردوا نفس الرواية التي أوردها أهل السنة في كتبهم:

"عن جعفر عن أبيه أن عليًّا عليه السلام كان يقول لأهل حربه: إنا لم نقاتلهم على التكفير لهم ولم يقاتلونا على التكفير لنا، ولكنا رأينا أنّا على حق ورأوا أنهم على حق" (٢) ".


(١) - الطبري: ج٥ ص٢٢٥، تحت تجهيز علي عائشة من البصرة.
(٢) - قرب الإسناد للحميري الشيعي: ص٤٥ ط. إيران

<<  <   >  >>