حدث، فكونوا لدين الله أعوانًا وأنصارًا، وانهضوا إلينا فالإصلاح نريد لتعود هذه الأمة إخوانا، فمضيا، وأرسل إلى المدينة فأخذ ما أراد من سلاح ودواب" (١) ".
فاجتمع الناس حول الفريقين من المدينة ومكة والكوفة والبصرة، كما اعتزل أكثر أصحاب النبي الموجودون، الأحياء منهم آنذاك عن الطرفين، فنزلت أم المؤمنين مع من كان معها بالبصرة ونزل علي - رضي الله عنهما - بذي قار، ثم دعا علي - رضي الله عنه - القعقاع بن عمرو وبعثه رسولاً إلى طلحة والزبير بالبصرة
يدعوهما إلى الألفة والجماعة ويعظم عليهما الفرقة والاختلاف فذهب القعقاع إلى البصرة فبدأ بعائشة أم المؤمنين. فقال:
"أي أماه! ما أقدمك هذا البلد؟ فقالت: أي بنيَّ! الإصلاح بين الناس، فسألها أن تبعث إلى طلحة والزبير ليحضروا عندها، فحضروا فقالا القعقاع: إني سألت أم المؤمنين ما أقدمها؟ فقالت إنما جئت للإصلاح بين الناس، فقالا: ونحن كذلك قال: فأخبراني ما وجه هذا الإصلاح؟ وعلى أي شيء يكون؟ فوالله لئن عرفناه لنصطلحن، ولئن أنكرناه لا نصطلحن، قالا: قتلة عثمان، فإن هذا إن ترك كان تركًا للقرآن، فقال: قتلتما قتلته من أهل البصرة، وأنتما قبل قتلهم أقرب منكم إلى الاستقامة منكم اليوم، قتلتم ستمائة رجل، فغضب لهم ستة آلاف فاعتزلوكم، وخرجوا من بين أظهركم، وطلبتم حرقوص بن زهير فمنعه ستة آلاف، فإن تركتموهم وقعتم فيما تقولون، وإن قاتلتموهم فأديلوا عليكم كان الذي حذرتم وفرقتم من هذا الأمر أعظم مما أراكم تدفعون وتجمعون منه - يعني أن الذي تريدونه من قتل قتلة عثمان
(١) - ابن كثير ج٧ ص٣٣٣ - ٣٣٤، ابن الأثير ج٢ ص١١٣ - ١١٤، الطبري ج٥ ص١٦٩، ابن خلدون ج٢ ص١٥٧