واختلفوا خلف المشايعين له وأحاطوه من كل جانب كما ذكر الطبري أن عليًّا - رضي الله عنه - لما خطب بخطبته الأولى بعد بيعته ثم أراد الذهاب إلى بيته قالت السبئية:
خذها إليك واحذرًا أبا الحسن ... إنما نمرُّ الأمر إمرار الرسن
ونَطعُنُ المُلكَ بِلَينٍ كالشَّطَن ... حتى يُمَرَّنَ على غيرِ عَنن
فقال علي وذكر تركهم العسكر والكينونة على عدة ما مُنُّوا حين غمزوهم ورجعوا إليهم فلم يستطيعوا أن يمتنعوا حتى:
إني عجزتُ عجزةً لا أعتذر ... سوف أكيسُ بعدها وأستمر
أرفَعُ من ذَيليَ ما كنتُ أجُر ... وأجمَعُ الأمرَ الشّتيتَ المنتشر
إن لم يُشاغبني العَجولُ المُنتَصِر ... أو يترُكوني والسلاحُ يُبْتَدَر
"واجتمع إلى علي بعدما دخل طلحة والزبير في عدة من الصحابة فقالوا يا علي إنا قد اشترطنا إقامة الحدود وإن هؤلاء القوم اشتركوا في دم هذا الرجل وأحلوا بأنفسهم، فقال لهم: يا أخوتاه إني لست أجهل ما تعلمون ولكني كيف أصنع بقوم يملكوننا ولا نملكهم، هاهم هؤلاء قد ثارت معهم عبدانكم وثابت إليهم أعرابكم وهم خلالكم يسومونكم ما شاءوا، فهل ترون موضعًا لقدرة على شيء مما تريدون؟ قالوا: لا، قال: فلا والله لا أرى إلا رأيًا ترونه إن شاء الله، إن هذا الأمر أمر جاهلية وإن لهؤلاء القوم مادة وذلك إن الشيطان لم يشرع شريعة قط فيبرح الأرض من أخذ بها أبدًا إن اليأس من هذا الأمر إن حرك على أمور فرقة ترى ما ترون وفرقة ترى ما لا ترون وفرقة لا ترى هذا ولا هذا حتى يهدأ الناس وتقع القلوب مواقعها وتؤخذ
الحقوق فاهدؤوا عني وانظروا ماذا يأتيكم ثم عودوا، واشتد على قريش وحال بينهم وبين الخروج على حالها وإنما