يا أهل المدينة إني أستودعكم الله وأسأله أن يحسن عليكم الخلافة من بعدي. إني والله لا أدخل على أحد بعد يومي هذا حتى يقضي الله فيّ قضاه ولأدعن هؤلاء وراء بابي غير معطيهم شيئًا يتخذونه عليكم دخلاً في دين الله أودنا حتى يكون الله عز وجل الصانع في ذلك ما أحب. وأمر أهل المدينة بالرجوع وأقسم عليهم فرجعوا إلا الحسن ومحمد بن طلحة وابن الزبير وأشباهًا لهم، فجعلوا بالباب عن أمر آبائهم وثاب إليهم ناس كثير ولزم عثمان الدار" (١) ".
حُصر عثمان اثنين وعشرين يومًا ثم أحرقوا الباب وفي الدار أناس كثير فيهم عبد الله بن الزبير ومروان فقالوا ائذن لنا، فقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد إليّ عهدًا فأنا صابرٌ عليه وإن القوم لم يحرقوا باب الدار إلا وهم يطلبون ما هو أعظم منه فأحرّج على رجل يستقتل ويقاتل وخرج الناس كلهم ودعا بالمصحف يقرأ فيه والحسن عنده فقال أن أباك الآن لفي أمر عظيم فأقسمت عليك لما خرجت وأمر عثمان أبا كرب رجلاً من همدان وآخر من الأنصار أن يقوما على باب بيت المال وليس فيه إلا غرارتان من ورق فلما أطفئت النار بعدما ناوشهم ابن الزبير ومروان وتوعّد محمد بن أبي بكر ابن الزبير ومروان فلما دخل على عثمان هربا ودخلوا عليه فمنهم من يجؤه بنعل سيفه وآخر يلكزه وجاءه رجل بمشاقص معه فوجأه في ترقوته فسال الدم على المصحف وهم في ذلك يهابون في قتله وكان كبيرًا وغُشي عليه ودخل آخرون فلما رأوه مغشيًا عليه جرّوا برجله فصاحت نائلة وبناته وجاء التُّجيبي مُخترطًا سيفه ليضعه في بطنه فوقّته نائلة فقطع يدها واتّكأ بالسيف عليه في صدره وقتل عثمان رضي الله عنه قبل غروب