للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بن حرب وحوله السبئيون وقتلة عثمان، وأهواؤهم مختلفة فيمن يجعلونه خليفة بعد عثمان أمير المؤمنين، اللهم إلا السبئية منهم فإنهم لم ينادوا إلا باسم عليّ - رضي الله عنه - ولم يتستروا إلا وراءه وهو منهم بريء، ولقد مرّ مقدّمًا أن عبد الله بن سبأ اليهودي الماكر الخبيث الذي كان وراء كل هذه المؤامرات كان مع المصريين، فاختلفت آراء البغاة والطغاة والأوباش السفلة " (١) "، فقوم يريدون طلحة، وقوم يريدون الزبير، وقوم يريدون عليًّا، وكل واحد منهم يأبى وينكر لما يعرف منهم الخبث والطغيان والاشتراك في مؤامرة مدبرة لهدم كيان الإسلام والقضاء على الدولة الإسلامية، المترامية الأطراف، التي لم تتسع رقعتها إلا في عصر عثمان الذهبي، والعصر الذي يندر مثيله في تاريخ الإسلام في كثرة الغزوات والفتوحات، ثم ييئسون من هؤلاء

الثلاثة ويذهبون إلى سعد بن أبي وقاص فاتح إيران. ومن ثم إلى ابن الخليفة الفاروق الأعظم عبد الله بن عمر، فلم يكن جوابهما إلا ما أجاب بهم الثلاثة من العشرة المبشّرة. وإليك ما ذكره أقدم المؤرخين الطبري ووافقه عليه كل من ابن كثير وابن الأثير وابن خلدون وغيرهم:

حدثنا محمد بن عبد الله وطلحة بن الأعلم وأبو حارثة وأبو عثمان قالوا: بقيت المدينة بعد قتل عثمان - رضي الله عنه - خمسة أيام وأميرها الغافقي بن حرب يلتمسون من يجيبهم إلى القيام بالأمر، فلا يجدونه. يأتي المصريون عليًّا فيختبئ منهم ويلوذ بحيطان المدينة، فإذا لقوه باعدهم وتبرأ منهم ومن مقالتهم مرة بعد مرة، ويطلب الكوفيون الزبير فلا يجدونه فأرسلوا إليه حيث هو رسلاً فتبرأ من مقالتهم، ويطلب البصريون طلحة فإذا لقيهم باعدهم وتبرأ من مقالتهم مرة بعد مرة وكانوا


(١) - ولقد سماهم بهذه الأسماء كل من ابن العربي وابن تيمية وغيرهم.

<<  <   >  >>