للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من العساكر وحاربه وتولى قتله من أهل الكوفة خاصة، فلم يحضرهم شامي" (١) ".

ثم يذكر اليعقوبي الشيعي المتحمس - كما يسميه ولهوزن - "إن أهل الكوفة لما قتلوه، انتهبوا مضاربه وابتزوا حرمه، وحملوهن إلى الكوفة، فلما دخلن إليها

خرجت نساء الكوفة يصرخن ويبكين، فقال علي بن الحسين: هؤلاء يبكين علينا فمن قتلنا؟." (٢) ".

وهنا نريد أن نثبت ما ذكره ولهوزن المستشرق الألماني المتعاطف على الشيعة:

ولم يكن جمهور أهل الكوفة حريصًا على مساعدة الحكومة، ولكنه مع ذلك لم ينضم إلى صف أعدائها. وحتى أولئك الذين بعثوا بالكتب إلى الحسين وأقسموا على الإخلاص له تخلوا عنه في المحنة ولم يقدموا له يد المعونة، وقصارى ما فعلوه أنهم راقبوا المعركة من بعيد ومصرعه الأخير ثم بكوا. وقليلون جدًّا هم أولئك الذين تجاسروا على اللحاق به ومشاركته في مصيره، مثل أبي ثمامة الصائدي خازن بيت المال، وابن عوسجة. وعدا هذا فإن بعض الذين شاركوه في مصرعه إما أنهم كانوا من أولئك الذين التقطهم عرضًا في الطريق أو من أولئك الذين دفعتهم الحمية الإنسانية في اللحظة الأخيرة إلى الانضمام إليه وإن لم يكن لهم من قبل شأن به أو لم يكونوا من شيعته. وقد أبرز المؤرخون هذا التعارض بين المكلفين، الذين لم يعملوا شيئًا، وبين غير المكلفين الذين أخجلوا الأولين، أبرزوه وعرضوه أحيانًا عرضًا دراميًّا. ومما هو جدير بالاعتبار أن الأنصار أيضًا، لا القرشيون وحدهم، قد تخلوا عن الحسين، فلم يخرج من المدينة واحد منهم معه ولم يكن منهم بين شيعة الكوفة إلا أفراد قلائل


(١) - مروج الذهب ج٣ ص٦١
(٢) - تاريخ اليعقوبي ج١ ص٢٣٥

<<  <   >  >>