للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال ابن كثير:

وبات الناس بخير ليلة وبات قتلة عثمان بشر ليلة " (١) "

فكانت الليلة هذه حاسمة لم ينم فيها عيون اليهودية البغضاء وعيون أبنائها الحاقدين على الإسلام وعلى الملة الإسلامية، والمخدوعين بهم، لم تنم ولا للحظة، وإليك ألفاظ التاريخ:

"وبات الناس بخير ليلة، وبات قتلة عثمان بشر ليلة، وباتوا يتشاورون وأجمعوا على أن يثيروا الحرب من الغلس، فنهضوا من قبل طلوع الفجر وهم قريب من ألفي رجل فانصرف كل فريق إلى قراباتهم فهجموا عليهم بالسيوف، فثارت كل طائفة إلى قومهم يمنعوهم، وقام الناس من منامهم إلى السلاح، فقالوا طرقتنا أهل الكوفة ليلاً، وبيّتونا وغدروا بنا، وظنوا أن هذا عن ملأ من أصحاب عليّ فبلغ الأمر عليًّا فقال: ما للناس؟ فقالوا، بيتنا أهل البصرة، فثار كل فريق إلى سلاحه ولبسوا للأمة وركبوا الخيول، ولا يشعر أحد منهم بما وقع الأمر عليه في نفس الأمر، وكان أمر الله قدرًا مقدورًا وقامت الحرب على ساق وقدم، وتبارز الفرسان، وجالت الشجعان، فنشبت الحرب، وتواقف الفريقان وقد اجتمع مع علي عشرون ألفًا، والتف على عائشة ومن معها نحو من ثلاثين ألفًا، فإنا لله وإنا إليه راجعون، والسبئية أصحاب ابن السوداء قبحها الله لا يفترون عن القتل، ومنادي علي ينادي: ألا كفوا ألا كفوا، فلا يسمع أحد، وجاء كعب بن سوار قاضي البصرة فقال: يا أم المؤمنين أدركي الناس لعل الله يصلح بك بين الناس، فجلست في هودجها فوق بعيرها وستروا الهودج بالدروع، وجاءت فوقفت بحيث تنظر إلى الناس عند حركتهم، فتصاولوا وتجاولوا. وقد كان من سنتهم في هذا اليوم أنه لا


(١) - البداية والنهاية: ج٧ ص٢٣٩، ابن خلدون: ج٢ ص١٦٢.

<<  <   >  >>