والمجوس واليهود والمنافقين دخلوا في معسكر علي رضي الله عنه تحت ستار شيعة علي، كما دخل بعض منهم في معسكر معاوية رضي الله عنه ولكنهم لم يكونوا لا من شيعة ولا من شيعة معاوية، بل هم كانوا كتلة مستقلة وفئة باغية، لها أفكارها وعقائدها، ولها أغراضها وأهدافها، وهم الذين كانوا يسعون بالفساد ويضرمون نار الحرب كلما أراد الطرفان لصلح والاتحاد بينهما، ومنهم نشأت فتنة الخوارج الذين كفروا علياً وعثمان ومعاوية معاً، لأنه لم يكن همهم إسقاط خلافة عثمان ولا تحريض الناس عليه، بل كان كل ما يقصدون هو القضاء على دولة الإسلام وسد باب فتوحاتهم وغزواتهم، ولذلك عندما نجحوا بإيقاع الفتنة بين المسلمين وتأليبهم على خليفة رسول الله الراشد الثالث وتفريق كلمة المؤمنين والتشتيت بينهم، تألبوا على عليّ كما تألبوا عليه وهذا مما لا ينكره إلا مكابر أو مجادل بلا حق وعلم وبصيرة.
ومما لا شك فيه أن الشيعة الأولى المخلصين كانوا من هؤلاء براء، كما كان إمامهم وقائدهم يتبرأ منهم ويطردهم ويقتلهم. نعم ولكن الشيعة ـ أي شيعة علي كان يغلب عليهم التخاذل والتكاسل والجبن وعدم الاستقامة والعزيمة والنجدة والجلد والمروءة عكس ما كانوا عليه شيعة عثمان أو شيعة معاوية رضي الله عنهما، كما كان يغلب عليهم عدم الوفاء والإخلاص والأمانة والصدق عكس مخالفيهم، وعلى ذلك كان علي رضي الله عنه يشكو منهم ويواجه الصعاب والمتاعب مع شجاعته النادرة وجرأته المشهورة وإقدامه المعروف وتفوقه على الأقران، ولأجل ذلك كان يقول لهم:
يا أشباه الرجال ولا رجال، حلوم الأطفال، وعقول ربات الحجال، لوددت أني لم أركم ولم أعرفكم معرفة ـ والله ـ جرت ندما