(٢) - وفي هذا أكبر دليل رغم أنوف من يرى خلاف ذلك أن عليًّا رضي الله عنه لم يكن يعدّ نفسه إمامًا منصوبًا من قبل الله عز وجل ولا منصوصًا عليه لأنه لو كان كذلك لما كان له الخيار في ردّ الإمامة والخلافة عندما جاءت إليه تسعى بقول الله عز وجل: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُّبِينًا} [الأحزاب: ٣٦]. فهذا الكلام الصادر عن علي رضي الله عنه المنقول في أقدس كتبهم لكلام فصل وقضاء مبرم واضح صريح بيننا وبين الذين يرون خلاف هذا، وعلى ذلك قال ابن أبي الحديد الشيعي المعتزلي مع تشيعه أن هذا الكلام يدل على: "أنه عليه السلام لم يكن منصوصًا عليه بالإمامة من جهة الرسول صلى الله عليه وسلم، وإن كان أولى الناس بها وأحقهم بمنزلتها، لأنه لو كان منصوصًا عليه بالإمامة من جهة الرسول صلى الله عليه وسلم لما جاز له أن يقول: دعوني والتمسوا غيري، ولا أن يقول: وأنا لكم وزيرًا خير لكم مني أميرًا، ولا أن يقول: ولعلي أسمعكم وأطوعكم لمن وليتموه أمركم شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: ج٧ ص٣٣ - ٣٤. كما أن مجرد امتناعه عن قبول الخلافة لكان من الحجة القاضية عليهم، والنصوص في هذا المعنى كثيرة وبعضها آتية مذكورة قريبًا. فهل منصف ينصف وعادل يعدل؟. وإن في ذلك لذكرى لأولي الأبصار (٣) - نهج البلاغة: ص١٣٦ ط. بيروت (٤) - ج٥ ص١٥٦