(٢) - ابن الأثير: ج٣ ص١٠٠ (٣) - ولا أدري أي شيء جعل أمير المؤمنين عليًّا رضي الله عنه أن يستعجل في إقامة الحد على ابن أمير المؤمنين الفاروق، على عبيد الله الذي قتل الهرمزان مع أنه مضى على تلك الحادثة أكثر من عشر سنوات، وأن القضية كانت قضية مختلف فيها من عدة وجوه كما مرّ، مع تأجيله وتأخيره في أخذ القصاص عن عثمان أمير المؤمنين وإمام المسلمين وخليفة رسول الله وصهره وخال السبطين وعديله هو نفسه؟ وأين هرمزان من عثمان وأين عبيد الله بن عمر من عبد الله بن سبأ والسبئية؟ ثانيًا: ولا ندري ما الذي جعل الإمام عليًّا رضي الله عنه وهو في ذلك الضيق من الأمر أن يستعجل عزل عمال عثمان وأن يستبدل بهم عماله وأبناء عمه وأقاربه؟ ثالثًا: كما أننا لا نعلم لأي شيء استعجل عزل معاوية أمير الشام وقد عيّنه على ذلك المنصب خليفة رسول الله الصديق، ثم أقرّه على ذلك شديد في أمر الله الفاروق، ثم الخليفة الراشد الثالث عثمان. وفوق كل ذلك لم يرفع عنه شكوى واحدة مع كثرة الشكاوى على العمال والحكام والولاة، وهذا مع نصيحة ابن عمه وأقرب المقربين إليه عبد الله بن عباس وداهية العرب المغيرة بن شعبة إياه بالإعراض عن عزله وإثباته على عمله كما يرويه ابن عباس رضي الله عنه نفسه: يا أمير المؤمنين أخبرني عن شأن المغيرة ولم خلا بك قال جاءني بعد مقتل عثمان بيومين فقال لي أخلني ففعلت فقال إن النصح رخيص وأنت بقية الناس وإني لك ناصح وإني أشير عليك برد عمال عثمان عامك هذا فاكتب إليهم بإثباتهم على أعمالهم فإذا بايعوا لك واطمأن الأمر لك عزلت من أحببت وأقررت من أحببت، فقلتُ: والله لا أدهن في ديني ولا أعطي الدنيَّ في أمري قال: فإن كنتَ قد أبيت عليَّ فانزع من شئت واترك معاوية، فإن لمعاوية جُرأة وهو في أهل الشام يسمع منه ولك حجة في إثباته، كان عمر بن الخطاب قد ولاه الشام كلها، فقلتُ لا والله لا أستعمل معاوية يومين أبدًا فخرج من عندي على ما أشار به ثم عاد فقال لي: إني أشرت عليك بما أشرت به فأبيت = = = = عليَّ ثم نظرت في الأمر فإذا أنت مصيب لا ينبغي لك أن تأخذ أمرك بخدعة ولا يكون في أمرك دُلسة، قال فقال ابن عباس: فقلت لعلي: أما أول ما أشار به عيك فقد نصحك وأما الآخر فغشك وأنا أشير عليك بأن تثبت معاوية فإن بايع لك فعليّ أن أقلعه من منزله. قال علي: لا والله لا أعطيه إلا السيف قال ثم تمثل بهذا البيت: ما ميتةٌ إن مُتُّها غيرَ عاجِزٍ ... بعارٍ إذا ما غالت النفس غَولُها
فقلت: يا أمير المؤمنين أنت رجل شجاع لست بأرَبٍ بالحرب" (الطبري). لا ندري هذا كله، ولا نستطيع أن نقول شيئًا اللهم إلا أنه لم يكن معصومًا، فلكل اجتهاد، وقد يخطئ وقد يصيب- (٤) - ابن خلدون: ج٢ ص١٥١.