دمائنا، فإن كان الأمر هكذا أحلقنا عليًّا بعثمان، فرضي القوم منا بالسكوت، فقال ابن السوداء: بئس ما رأيت، لو قتلناه قتلنا، فإنا يا معشر قتلة عثمان في ألفين وخمسمائة، وطلحة والزبير وأصحابهما في خمسة آلاف، لا طاقة لكم بهم، وهم إنما يريدونكم، فقال غلاب بن الهيثم: دعوهم وارجعوا بنا حتى نتعلق ببعض البلاد فنمتنع بها، فقال ابن السوداء: بئس ما قلت، إذًا والله يتخطفكم الناس، ثم قال ابن السوداء قبحه الله: يا قوم إن عيركم في خلطة لناس فإذا اتقى الناس فانشبوا الحرب والقتال بين الناس ولا تدعوهم يجتمعون فمن أنتم معه لا يجد بدًّا من أن يمتنع، ويشغل الله طلحة والزبير ومن معهما عما يحبون، ويأتيهم ما يكرهون، فأبصروا الرأي وتفرقوا عليه، وأصبح علي مرتحلاً ومر بعبد القيس فسار ومن معه حتى نزلوا بالزاوية، وسار منها يريد البصرة، وسار طلحة والزبير ومن معهما للقائه، فاجتمعوا عند قصر عبيد الله بن زياد، ونزل الناس كل في ناحية. وقد سبق علي جيشه وهم يتلاحقون به، فمكثوا ثلاثة أيام والرسل بينهم، فكان ذلك للنصف من جمادى الآخرة سنة ست وثلاثين، فأشار بعض الناس على طلحة والزبير بانتهاز الفرصة، من قتلة عثمان، فقالا: إن عليًّا أشار بتسكين هذا الأمر، وقد بعثنا إليه بالمصالحة على ذلك، وقام علي في الناس خطيبًا، فقام إليه الأعور بن
نيار المنقري، فسأله عن إقدامه على أهل البصرة، فقال: الإصلاح وإطفاء الثائرة ليجتمع الناس على الخير، ويلتئم شمل هذه الأمة، قال: فإن لم يجيبونا؟ قال: تركناهم ما تركونا، قال فإن لم يتركونا؟. قال: دفعناهم عن أنفسنا، قال فهل لهم في هذا الأمر مثل الذي لنا، قال: نعم! وقام إليه أبو سلام الدالاني فقال: هل لهؤلاء القوم حجة فيما طلبوا من هذا الدم، إن كانوا أرادوا الله في ذلك؟ قال: