بنفسه يعالج جرحه، وكتب جماعة من رؤساء القبائل إلى معاوية بالسمع والطاعة له في السر واستحثوه على المسير نحوهم وضمنوا له تسليم الحسن رضي الله عنه إليه عند دنوهم من عسكره أو الفتك به، وبلغ الحسن رضي الله عنه ذلك وورد عليه كتاب قيس بن سعد رضي الله عنه وكان قد أنقذه مع عبيد الله بن العباس عند مسيره من الكوفة ليلقى معاوية ويرده عن العراق وجعله أميرًا على الجماعة، وقال: إن أصبت فالأمير قيس بن سعد، فوصل كتاب قيس بن سعد يخبره أنهم نازلوا معاوية بقرية يقال لها الحبوبية بإزاء مسكن وإن معاوية أرسل إلى عبيد الله بن العباس يرغبه في المسير إليه وضمن له ألف ألف درهم يعجل له منها النصف ويعطيه النصف الآخر عند دخوله إلى الكوفة، فانسل عبيد الله في الليل إلى معسكر معاوية في خاصته، وأصبح الناس قد فقدوا أميرهم، فصلى بهم قيس بن سعد رضي الله عنه ونظر في أمورهم فازدادت بصيرة الحسن عليه السلام بخذلان القوم له وفساد نيات المحكمة فيه بما أظهروه له من السب والتكفير له واستحلال دمه ونهب أمواله، ولم يبق معه من يأمن غوائله إلا خاصته من شيعة أبيه وشيعته، وهم جماعة لا تقوم لأجناد الشام، فكتب إلى معاوية في الهدنة والصلح، وأنفذ إليه بكتب أصحابه الذين ضمنوا له فيها الفتك به وتسليمه إليه، فاشترط له على نفسه في إجابته إلى صلحه شروطًا كثيرة وعقد له عقودًا كان الوفاء بها مصالح شاملة، فلم يثق به الحسن - رضي الله عنه - وعلم باحتياله بذلك واغتياله غير أنه لم يجد بدًّا من إجابته إلى ما التمس من ترك الحرب وإنفاذ الهدنة لما كان عليه أصحابه مما وصفناه من ضعف البصائر في حقه والفساد عليه والخلف منهم له، وما انطوى عليه كثير منهم في استحلال دمه وتسليمه إلى خصمه، وما كان من خذلان ابن عمه له ومصيره إلى