أشرك أبوك من قبل وطعنه بمعول في أصل فخذه فقطع الفخذ إلى العظم، فاعتنقه الحسن وخرا جميعًا فاجتمع الناس على الجراح فوطئوه حتى قتلوه ثم حمل الحسن على سرير فأتي به المدائن، فلم يزل يعالج بها في منزل سعد بن مسعود الثقفي حتى صلحت جراحته ثم انصرف إلى المدينة فلم يزل جريحًا من طعنته كاظمًا لغيظه متجرد طريقه على الشجا والأذى من أهل دعوته حتى توفي رضي الله عنه في آخر صفر سنة سبع وأربعين وهو ابن خمس وأربعين سنة وستة أشهر، وقال بعضهم أنه ولد سنة ثلاث من الهجرة من شهر رمضان وإمامته ست سنين وخمسة أشهر" (١) ".
ففرقة ثبتوا مع الحسن بعد هذا الصلح وبايعوا معاوية رضي الله عنه معه، وأطاعوا وأخلصوا له الوفاء طيلة حياتهم من سنة إحدى وأربعين إلى سنة ستين من الهجرة، وكان على رأس هؤلاء أولاد علي رضي الله عنه وأهل بيته من الحسين ومحمد بن الحنفية وعبد الله بن العباس وأبناء عقيل وجعفر وغيرهم من الهاشميين الكبار من أسرة النبي صلى الله عليه وسلم يعتقدون نفس الاعتقادات التي كان يعتقدها المسلمون عامة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بدون تكفير أحد وتفسيق أحد من المسلمين، متحدين متفقين، ناسين الخلافات التي حدثت، ومعرضين عن الوقائع التي وقعت، متآخين متزوجين فيما بينهم كما ذكرنا ذلك مفصلاً فيما سبق،
وفرقة مالت عن الحسن والحسين وقالت بإمامة محمد بن الحنفية وعرفت بعد ذلك بالكيسانية وقويت بعدما صالح الحسن معاوية وازدادت قوتها وشوكتها وحملت نفس الأفكار التي كانت تحملها السبئية، وتطورت فيما بعد تطورًا سريعًا، وتشعبت منها فرق شيعية كثيرة أخرى