للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حتى انتهى إلى القصر وفيه النعمان بن بشير، فتحصن فيه، ثم أشرف عليه، فقال: يا ابن رسول الله مالي وما لك؟ وما حملك على قصد بليد من بين البلدان؟ فقال ابن زياد: لقد طال نومك يا نعيم، وحسر اللثام عن فيه، فعرفه، ففتح

له، وتنادى الناس: ابن مرجانة، وحصبوه بالحصباء، ففاتهم ودخل القصر، ولما اتصل خبر ابن زياد بمسلم تحول إلى هانئ بن عروة المرادي، ووضع ابن زياد الرصد على مسلم حتى علم بموضعه، فوجه محمد بن الأشعث ابن قيس إلى هانئ، فجاءه فسأله عن مسلم، فأنكره فأغلظ له ابن زياد القول، فقال هانئ: إن لزياد أبيك عندي بلاء حسنًا، وأنا أحب مكافأته به، فهل لك في خير؟ قال ابن زياد: وما هو؟ قال تشخص إلى أهل الشام أنت وأهل بيتك سالمين بأموالكم، فإنه قد جاء حق من هو أحق من حقك وحق صاحبك، فقال ابن زياد: أدنوه مني، فأدنوه منه، فضرب وجهه بقضيب كان في يده حتى كسر أنفه وشق حاجبه، ونثر لحم وجنته، وكسر القضيب على وجهه ورأسه، وضرب هانئ بيده إلى قائم سيف شرطي من تلك الشرط، فجاذبه الرجل، ومنعه السيف، وصاح أصحاب هانئ بالباب: قتل صاحبنا، فخافهم ابن زياد، وأمر بحبسه في بيت إلى جانب مجلسه، وأخرج إليهم ابن زياد شريحًا القاضي، فشهد عندهم أنه حي لم يقتل، فانصرفوا، ولما بلغ مسلمًا ما فعل ابن زياد بهانئ، أمر مناديًا فنادى "يا منصور" وكانت شعارهم، فتنادى أهل الكوفة بها، فاجتمع إليه في وقت واحد ثمانية عشر ألف رجل، فسار إلى ابن زياد، فتحصن منه، فحصروه في القصر فلم يمس مسلم ومعه غير مائة رجل، فلما نظر إلى الناس يتفرقون عنه سار نحو أبواب كندة، فما بلغ الباب إلا ومعه منهم ثلاثة، ثم خرج من الباب فإذا ليس معه منهم أحد، فبقي

<<  <   >  >>