للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هذا الرجل هو إبراهيم بن الأشتر زعيم قبلة النخع من مذحج. وكان بارعًا ماكرًا مستقل الرأي، وكان كأبيه مخلصًا لعلي، وكان على اتصال بابن الحنفية. ولكنه لم يكن يؤمن بالتشيع على الصورة التي استحال إليها في ذلك العهد. لم يشأ الانضمام إلى سليمان بن صرد كما لم يرغب في أن يعرف شيئًا عن المختار. ولم تفلح المحاولات في اكتسابه. وأخيرًا وصله كتاب يطلب فيه ابن الحنفية نفسه منه أن يعترف بالمختار بن أبي عبيد. ولكنه تضايق من كون ابن الحنفية يلقب نفسه في هذا الكتاب بلقب "المهدي" وهو أمر لم يعهد منه، فحاك في صدره الشك في صحته. ولكن الذين قدموا بالكتاب، والمختار نفسه أكدوا صحة الكتاب، إلا اثنين لفتا نظره بتحفظهم، وهما: عامر بن شراحيل الشعبي الراوي الفقيه المحدث الكبير. وأبوه شراحيل. فانتحى بعامر ناحية وسأله هل يشك في أمانة هؤلاء الشهود على صحة الكتاب. فقال عامر الشعبي: معاذ الله فإنهم "سادة القراء ومشيخة المصر وفرسان العرب ولا أرى مثل هؤلاء يقولون إلا حقًّا! " (١) ".

فسأله ابن الأشتر أن يكتب له أسماءهم وكتب محضرًا صوريًّا بما وقع. فلما اطمأن قلبه بهذا امتثل لما ورد في الكتاب ووضع نفسه في خدمة المختار بن أبي عبيد" (٢) ".

ولما تقلب المختار وبدأ يظهر ما كان يكنه من الأفكار السبئية من عداوة السلف الصالح والطعن في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"أخذوا يعتبون على المختار أنه تأمر عليهم بغير رضى منهم ولا بإذن من ابن الحنفية وأنه أظهر هو وسبئيته (ببدع ابتدعها في الإسلام) البراءة من أسلافهم الصالحين" (٣) ".

"واحتل هؤلاء الأشراف المراكز الرئيسية في الكوفة وحصروا


(١) - الطبري ٢/ ٦١٢
(٢) - الخوارج والشيعة ص١٤٧، ١٤٨
(٣) - الخوارج والشيعة ص١٥٥

<<  <   >  >>