فتتلمذ في الأصول واصل بن عطاء الغزال رأس المعتزلة، مع اعتقاد واصل بأن جده علي بن أبي طالب في حروبه التي جرت بينه وبين أصحاب الجمل وأصحاب الشام، ما كان على يقين من الصواب، وأن أحد الفريقين منهما كان على خطأ لا بعينه.
فاقتبس منه الاعتزال، وصارت أصحابه كلها معتزلة.
وكان من مذهبه جواز إمامه المفضول مع قيام الأفضل، فقال: كان علي بن أبي طالب أفضل الصحابة، إلا أن الخلافة فوضت إلى أبي بكر لمصلحة رأوها، وقاعدة دينية راعوها من تسكين ثائرة الفتنة،
وتطييب قلوب العامة، فإن عهد الحروب التي جرت في أيام النبوة كان قريبا، وسيف أمير المؤمنين علي عليه السلام عن دماء المشركين من قريش لم يجف بعد، والضغائن في صدور القوم من طلب الثأر كما هي، فما كانت القلوب تميل إليه كل الميل ولا تنقاد له الرقاب كل الانقياد، وكانت المصلحة أن يكون القيام بهذا الشأن من عرفوه باللين والتودد، والتقدم بالسن، والسبق في الإسلام، والقرب من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ألا ترى أنه لما أراد في مرضه الذي مات فيه تقليد الأمر عمر بن الخطاب رضي الله عنه، زعق الناس وقالوا: لقد وليت علينا فظاً غليظاً، فما كانوا يرضون بأمير المؤمنين عمر لشدة وصلابة وغلظة له في الدين، وفظاظة على الأعداء، حتى سكنهم أبو بكر رضي الله عنه.
وكذلك يجوز أن يكون المفضول إماماً والأفضل قائم، فيرجع إليه في الأحكام، ويحكم بحكمه في القضايا. ولما سمعت شيعة أهل الكوفة هذه المقالة منه، وعرفوا أنه لا يتبرأ من الشيخين، رفضوه، حتى أتى قدره عليه، فسميت رافضة. وجرت بينه وبين أخيه محمد الباقر مناظرة لا من هذا الوجه، بل من حيث كان يتلمذ لواصل بن عطاء، ويقتبس العلم ممن يجوّز الخطاء على جده في قتال الناكثين والقاسطين، ومن يتكلم في القدر على