لنفسه أنه نبي. وكان عنده صورة قد عملها وأقامها شخصاً كأنه صورة أبي الحسن (ع) من ثياب حرير، وقد طلاها بالأدوية، وعالجها بحيل عملها فيها، حتى صارت شبه صورة إنسان. وكان يطويها، فإذا أراد الشعبذة نفخ فيها فأقامها. فكان يقول لأصحابه: إن أبا الحسن (ع) عندي، فإن أحببتم أن تروه وتعلموا أني نبي، فهلموا أعرضه عليكم. وكان يدخلهم البيت والصورة المطوية معه، فيقول لهم: هل ترون في البيت مقيماً أو ترون غيري وغيركم؟ فيقول: فاخرجوا، فيخرجون من البيت، فيصير هو وراء الستر بينه وبينهم، ثم يقدم تلك الصورة، ثم يرفع تلك الستر بينهم وبينه، فينظرون إلى صورة قائمة وشخص كأنه شخص أبي الحسن، لا ينكرون منه شيئاً، ويقف هو معه بالقرب فيريهم من طريق الشعبذة أنه يكلمه ويناجيه ويدنو منه كأنه يساره، ثم يغمزهم أن يتنحوا فيتنحون، ويسبل الستر بينه وبينهم فلا يرون شيئا.
وكانت معه أشياء عجيبة من صنوف الشعبذة ما لم يروا مثلها، فهلكوا بها.
فكانت هذه حاله مدة، حتى ُرفع خبره إلى بعض الخلفاء - أحسبه هارون أو غيره ممن كان بعده من الخلفاء - أنه زنديق، فأخذه وأراد ضرب عنقه، فقال له: يا أمير المؤمنين، استبقني، فإني أتخذ لك أشياء يرغب الملوك فيها، فأطلقه، فكان أول ما اتخذ له الدوالي، فإنه عمد إلى الدوالي فسواها وعلقها وجعل الزيبق بين تلك الألواح، فكانت الدوالي تمتلئ من الماء وتملي الألواح، وينقلب الزيبق من تلك الألواح فيتسع الدوالي لذلك، فكانت تعمل من غير مستعمل لها، وتصب الماء في البستان، فأعجبه ذلك مع أشياء عملها، يضاهي الله بها في خلقه الجنة، فقواه وجعل له مرتبة. ثم إنه يوماً من الأيام، إنكسرت بعض تلك الألواح، فخرج منها الزيبق، فتعطلت فاستراب أمره، وظهر عليه التعطيل والإباحات " (١).