للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الخاطر والفكر معرفة بشيئ قد كانت تقدمت معرفتك به من الأمور النافعة فذكرته، وذلك لا يعلم به الأحكام وشرائع الدين على كثرة إختلافها وعللها قبل أن يوقف بالسمع منها على شيئ، لأن أصح الناس فكراً وأوضحه خاطراً وعقلاً وأحضره توفيقاً، لو فكر وهو لا يسمع بأن الظهر أربع والمغرب ثلاث، والغداة ركعتان، مااستخرج ذلك بفكره، ولا عرفه بنظره، ولا استدل عليه بكمال عقله، ولا أدرك ذلك بحضور توفيقه، ولا لحقه علم ذلك من جهة التوفيق أبداً. ولا يعقل أن يعلم إلا بالتوقيف والتعليم، فقد بطل أن يعلم شيئاً من ذلك بالإلهام والتوفيق.

لكن نقول: أنه علم ذلك عند البلوغ من كتب أبيه، وما ورثه من العلم فيها، وما رسم له من الأصول والفروع.

وبعض هذه الفرقة تجيز القياس في الأحكام للإمام، خاصة على الأصول التي في يديه، لأنه معصوم من الخطأ والزلل، فلا يخطئ في القياس، وإنما صاروا إلى هذه المقالة لضيق الأمر عليهم في علم الإمام وكيفية تعليمه، إذ هو ليس ببالغ عندهم.

وقال بعضهم: الإمام يكون غير بالغ ولو قلت سنه، لأنه حجة الله، فقد يجوز أن يعلم وإن كان صبياً، ويجوز عليه الأسباب التي ذكرت من الألهام والنكت والرؤيا والملك المحدث ورفع المنار والعمود وعرض الأعمال، كل ذلك جائز عليه وفيه، كما جاز ذلك عن سلفه من حجج الله الماضين. واعتلوا في ذلك بيحيى بن زكريا، وأن الله آتاه الحكم صبيا، وبأسباب عيسى بن مريم، وبحكم الصبي بين يوسف بن يعقوب وامرأة الملك، وبعلم سليمان بن داود حكماً من غير تعليم، وغير ذلك، فإنه قد كان في حجج الله ممن كان غير بالغ عند الناس " (١).

وولد محمد بن علي هذا سنة خمس وتسعين ومائة بالمدينة، وقبض


(١) فرق الشيعة للنوبختي ص ١١٠، ١١١، ١١٢.

<<  <   >  >>