للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وتب ثكلتك أمك، فأبى، فحبسه ثلاثة أيام، فلم يتب، فأحرقه بالنار (١) ".

ولكن ابن أبي الحديد الشيعي الغالي المعتزلي شارح النهج يخالف ذلك بأن علياً أحرقه فإنه يرى أن القول بتأليه علي لم يظهره عبد الله بن سبأ إلا بعد وفاة علي ـ رضي الله عنه ـ فأظهره واتبعه قوم فسموا السبئية (٢) ".

ويؤيده في ذلك من السنة عبد القادر البغدادي ولكنه يضيف إلى ذلك أن علياً لم يحرقه خوفاً من شماتة أهل الشام حيث يذكر ابن سبأ والسبئية:

السبئية أتباع عبد الله بن سبأ الذي غلا في علي ـ رضي الله عنه ـ وزعم أن كان نبياً، ثم غلا فيه حتى زعم أنه إله، ودعا إلى ذلك قوماً من غواة الكوفة،

ورفع خبرهم إلى علي ـ رضي الله عنه ـ فأمر بإحراق قوم منهم في حفرتين، حتى قال بعض الشعراء في ذلك:

لترم بي الحوادث حيث شاءت إذا لم ترم بي في الحفرتين

ثم إن علياً ـ رضي الله عنه ـ خاف من إحراق الباقين منهم شماتة أهل الشام، وخاف اختلاف أصحابه عليه، فنفى ابن سبأ إلى سباط المدائن، فلما قتل علي ـ رضي الله عنه ـ زعم ابن سبأ أن المقتول لم يكن علياً، وإنما كان شيطانا تصور للناس في صورة علي، وأن علياً صعد إلى السماء كما صعد إليها عيسى بن مريم ـ عليه السلام ـ وقال: كما كذبت اليهود والنصارى في دعواها قتل عيسى كذلك كذبت النواصب والخوارج في دعواها قتل علي، وإنما رأت اليهود والنصارى شخصاً مصلوباً شبهوه بعيسى، كذلك القائلون بقتل علي رأوا قتيلا يشبه علياً فظنوا أنه علي، وعلي قد صعد إلى السماء، وأنه سينزل إلى الدنيا وينتقم من أعدائه


(١) - منهج المقال ص ٢٠٣.
(٢) - شرج نهج البلاغة: ج٢ ص ٣٠٩.

<<  <   >  >>