المؤمنين فصلى بهم تلك الأيام في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما قبض الله نبيه عليه السلام واختار له ما عنده، مضى مفقودا صلى الله عليه وسلم، ولاه المؤمنين ذلك، وفوضوا إليه الزكاة لأنهما مقرونتان، ثم أعطوه البيعة طائعين غير مكرهين، أنا أول من سن له ذلك من بني عبد المطلب وهو لذلك كاره، يود لو أن بعضنا كفاه، فكان والله خير من بقي رأفة، وأرحمه رحمة، وأيبسه ورعاً، وأقدمه سلماً وإسلاما، شبهه رسول الله صلى الله عليه وسلم بميكائيل رأفة ورحمة، وبإبراهيم عفواً ووقارا، فسار فينا سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى قبضه الله على ذلك، ثم ولى الأمر بعده عمر، واستأمر في ذلك المسلمين، فمنهم من رضي منهم ومنهم من كره، فلم يفارق الدنيا حتى رضي به من كان كرهه، وأقام الأمر على منهاج النبي صلى الله عليه وسلم، يتبع أثرهما كاتباع الفصيل أثر أمه، وكان والله رفيقاً رحيماً لضعفاء المسلمين، وبالمؤمنين عوناً وناصراً على الظالمين، لا تأخذه في الله لومة لائم، ضرب الله بالحق على لسانه، وجعل الصدق من شانه، حتى إن كنا لنظن أن ملكاً ينطق على لسانه، أعز الله بإسلامه الإسلام وجعل هجرته للدين قواماً، ألقى الله له في قلوب المؤمنين المحبة وفي قلوب المشركين المنافقين الرهبة، شبهه رسول الله صلى الله عليه وسلم بجبريل فظاً غليظاً على الأعداء، وبنوح حنقاً مغتاضاً على الكفار، والضراء على طاعة الله آثر عنده من السراء على معصية الله فمن لكم بمثلهما ـ رحمة الله عليهما ـ ورزقنا المضي على سبيلهما، فإنه لا يبلغ مبلغهما إلا بالحب لهما ن واتباع آثارهما، فمن أحبني فليحبهما ن ومن لم يحبهما فقد أبغضني وأنا منه بريء، ولو كنت تقدمت إليكم في أمرهما لعاقبت على هذا اشد العقوبة، فمن أوتيت به بعد هذا اليوم فإن عليه ما على المفتري، ألا وخير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر وعمر، ثم الله أعلم بالخير أين هو، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي