للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

جرحا وتعديلا مع ترجيح بعض الأقوال على بعض وتصحيح بعض الروايات وتضعيف البعض الآخر، ومن مميزات تفسير ابن كثير أنه ينبه في كثير من الأحيان إلى ما في التفسير بالمأثور من منكرات إسرائيلية- كما يذكر أقوال العلماء في الأحكام الفقهية، وتفسير ابن كثير هذا من أصح التفاسير بالمأثور وإن لم يكن أصحها جميعا، ولا غرابة في هذا فابن كثير رحمه الله تعالى كان جبلا شامخا وبحرا زاخرا في العلوم وخاصة في علم التاريخ والحديث والتفسير، وكان إماما جليلا حافظا، أخذ عن ابن تيمية واتبعه في كثير من أقواله. وقد قال عنه الذهبي (الإمام المفتي، المحدّث البارع، فقيه متفنن، محدث متقن، مفسر نقال، وله تصانيف مفيدة) (١) ولنكتف بذكر هؤلاء الثلاثة الأعلام في معرفة منهج المفسرين بالمأثور.

س: عرفنا مما سبق منهج بعض المفسرين بالمأثور. فما هو منهج المفسرين بالرأي؟

ج: المفسرون بالرأي أيضا كثيرون لا يتسع المقام لحصرهم، ولكننا في هذا المختصر نعرض لمنهج بعضهم فنقول:

أ- تفسير الفخر الرازي:

من أشهر من كتبوا في التفسير بالرأي (العلامة الشيخ محمد بن عمر الرازي) المتوفى سنة ٦٠٦ هـ وتفسيره يسمى (مفاتيح الغيب) ويقع هذا التفسير في ثماني مجلدات

كبار، وقد سلك في تفسيره هذا مسلك الحكماء والعلماء، فقد رد فيه على المعتزلة والفرق الضالة بالحجج الدامغة والبراهين القاطعة وتعرض بقوة لشبهات المنكرين والجاحدين وفند أقوالهم ونقضها، وكان تفسيره من أوسع التفاسير في علم الكلام (٢) كما كان هذا التفسير موسوعة في العلوم الطبيعية والكونية، فقد تحدث فيه عن الأفلاك والأبراج السماوية وعرض السماء والأرض، كما تكلم أيضا في علم الحيوان والإنسان والنبات بشكل واسع. وكان غرضه من سلوك هذا المنهج نصرة الحق وإقامة البراهين على وجود الله تعالى والرد على أهل الزيغ والضلال. فكان كتابه


(١) من كتاب التبيان في علوم القرآن للصابوني ص ١٨٩.
(٢) علم الكلام يقصد به علم التوحيد والرد على الفلاسفة.

<<  <   >  >>