أما النصف الثاني منها:(اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين) فإن هذا النصف الثاني هو للعبد ... لأنه يسأل الله فيه الهداية إلى الصراط المستقيم أي صراط الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً غير صراط الذي غضب الله عليهم الذين عرفوا الحق ومالوا عنه إلى الباطل وهم يعلمون أنه باطل!!! وهم اليهود وكل من شابههم من الأقوام الآخرين ... الذين عرفوا الحق وأنكروه وكانوا حرباً عليه وعلى أهله وغير الضالين الذين لم يعرفوا الحق ولم يهتدوا إليه ولا فتشوا عنه بل تخطبوا في كل مهمه ... وتاهوا في كل فقر فضلوا سبيل الحق لأنهم لم يسلكوا الطريق إليه وهم النصارى .. ومن شابههم من الأقوام الذين ضلوا سواء السبيل ولم يسلكوا طريق الحق ليوصلهم إليه فظلوا في ضلالهم يعمهون وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً.
هذه سورة الفاتحة الجليلة وضعتها بشطريها أمام ناظريك يا أخي الحبيب في الله موجزاً تفسيرها لك تأكدت معي من أن الله تعالى أرشدنا فيها إلى التوسل إليه جل جلاله بحمده والثناء عليه وتمجيده وبإخلاص العبادة إليه والاستعانة به وحده لا شريك له فلما قدم العبد كل لربه تبارك وتعالى متوسلاً إليه بحمده والثناء عليه وتمجيده وإفراده بالعبادة ... ناسب أن يعقب بالسؤال وطلب حاجته وما حاجته إلا يهديه الصراط المستقيم فقال:(اهدنا الصراط المستقيم) إذا فإنه لم يدع قبل أن قرب عملاً صالحاً يكون له وسيلة لقبول الدعاء ... وإنه لم يدع إلا لأنه يعلم يقيناً أنه لا يهديه الصراط المستقيم إلا وحده لا شريك له ...
فرفع إليه الدعاء ... موقناً بالإجابة ثم أوضح مطلبه عن نوعية هذا الصراط المستقيم الذي يحصر رغبته بالهداية إليه فقال:(صراط الذي أنعمت عليهم) من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين ... الذي سبقونا بالإيمان ... ونهجوا في حياتهم المنهج القويم والصراط المستقيم الذي لا عوج فيه ولا انحراف أي (غير المغضوب عليهم ولا الضالين) أي غير صراط المغضوب