من المحالب إلى حردة ثلاث فراسخ. وإلى المدارة ثلاث فراسخ وهو واد الصما وبه الوحش الكبير. وإلى شمر فرسخين. وإلى قلحاح فرسخ. وإلى الأفور ثلاث فراسخ. وإلى الظهيرة فرسخين، ويعرف بوادي اليماني. وما سمى هذا الموضع بالظهيرة إلا إنّه ظهر في فم واديين في وادي مور وله من وادي حوث ووادي حرف أوّله وله من الجبال الشرقية. فإذا سال الوادي وصل جريانهما إلى الظهر في ساعة واحدة يحبس كلٌ صاحبه فكل من قوى على الآخر سده ورد جريانه ويبقى الآخر في السيل إلى أن يزول حدته فحينئذ يقوى العتاجز على القوي لقطع حدته ويخرب ولا يزالا على حالهما إلى أن يفرغ الواديين من جري السيول، وهذا دائم إذا صادف حد الواديين في ساعة واحدة. وإلى شطب خمس فراسخ، بناها آل برمك وقيل أواخر البرامكة الذين كانوا سكنوا هذه المدينة ويقال إنّ نسلهم باقون ولكن ضعفت بهم الحال وقلّ فيهم المال. وإلى حوث عشرة فراسخ، سرير ملك الشرف من آل الحسن ابن علي بن أبي طالب. وإلى صعدة أربعة عشر فرسخا وهو سرير ملك بن عبد الله ابن حمزة الحسيني.
[من المحالب إلى زبيدة]
من المحالب إلى المهجم ثلاثة فراسخ، ويقال إنما سميت المهجم بالمهجم إلا إنّ الأشراف كانت تهجم عليهم كل حين فكان القوم إذا رجعوا إلى أوطانهم سألوهم: أين سرتم؟ فيقولون: المهاجم. واسمها سردد وعليها سور وقد خرب واندثر ويشرف عليها جبل يحاكي عنان الأفق يسمى ملحان يغطي ذروته الغيم وقد بنى على أعلى ذروته مسجد يسمى الشاهر لأنه اشتهر برفعه على ما حوله من الأعمال. ويقال إنّه مسكن الخضر عليه السلام وهو جبل عالي عاصي على الملوك باليمن. وبها من الحصون ما شاء الله شبه قطع الشطرنج يبان لناظره علوها من ابعد مكان، يعنى من تهامة. وأهلها قوم من آل الحمير ومنهم الذي يقول:
ستذكر قومي نجدتي ومكارمي ... وما فعلت قومي بقيس افاعلا
بنيت لهم مجدا من النجم والعلى ... وصاروا خيار الناس ثم الأقاولا
فحمير أرباب الملوك وخيرها ... فهم في قديم الدهر كانوا الأفاضلا
وفي هذا الجبل تنبت الشتمة. وإلى الكدراء خمس فراسخ بناها الملك دقيانوس على جاحف الوادي ما بين ارك وشجر. وحدثني عمر بن علي ابن مصبح قال حدثني يوسف بن الهمدان قال: إني قفزت حصاني جاحف الوادي فقفز قعره وكان عرضه يومئذ في ذلك العهد ثلاثة اذرع وغمقه مثل عرضه في أواخر دولة الحبشة وأوائل دولة بن مهدي والآن صار واديا عظيما يكون عرضه اكثر من ثلاثة آلاف ذراع لأن السيل أكله. ولم يكن في قديم الأيام واديا بل كان الوادي وسط المدينة وكان على البلد سور وخندق وأبواب. قال: وأهلها يشربون الماء من جاحف الوادي وللاستعمال يسقون من آبار عندهم لان مياه آبارهم مالحة ولم يبنوا دورهم إلا من اجر يخرجونه من الأرض من الردوم وطول كل اجرة نصف ذراع في العرض مثلها من بناء الأوائل. وحدثني عمر بن علي بن مصبح قال: جاء بعض الأيام سيل عظيم في بعض السنين وجاء السيل مع جريانه برجل ميت قد مصته الأرض وقد صار شبه الفد طوله سبعة اذرع وقيل خمسة اذرع مقلدا بسيف فقصوا الآثار فوجدوا إنّه كان دفن قائما في أيام دقيانوس الملك، واستدل على ذلك إنما كان القوم يدفنون موتاهم إلا قياما ويقال كذلك دفن إبراهيم الخليل عليه السلام، ودفن عبد المؤمن بن علي الكوفي ومحمد بن الحسين بن تومرت البربري في حصن الغار ويسمى حصن المهدية. وإنما يفعلون ذلك ليكون الملك قائما فيهم إلى يوم الدين وهذا هو الجنون بعينه.
[ومما ذكره]
عمارة بن محمد بن عمارة في كتاب المفيد في أخبار زبيد إنّ القائد الحسين ابن سلامة اختط مدينة الكدراء على وادي سهام واختط مدينة المعقر على وادي ذؤال. ويقال معاملة الكدراء من الدومتين إلى قرب المزحف طول إلى المسجد الذي بناه ابن وهب قريبا من القحمة وفي الجبل إلى البحر طول ودخلها كل يوم ألف دينار. ويسمى سهام كما قال:
أرى الشأم يدنو كل يوم وليلة ... ويبعد منى سردد وسهام
فروحي وقلبي في دمشق ومهجتي ... وجسمي منئ قد هواه سهام