ينزل الغيث في أعمال ماردن دائم، وفي أعمال كلاب مدة عشرة شهور، وفي أرض بني سيف مدة أربعين يوماً من إقليم اليمن ويوبس شهرين فلذلك سمى البوالة، وإقليم المينا مدة أربعة اشهر. وإقليم الجاوة ينزل الغيث من الغيم شبه أفواه القرب ولا يستدل سفارة البحر على إقليم الجاوة إلا بكثرة لمع البرق. وفي إقليم فوفل أربعة شهور. وفي العينين ينزل دبس رفيع شبه السماق دائم. وينزل في الجزيرة الخضراء وجزيرة متعة دائم. وفي بلاد السند مدة أربعين يوماً. ويكون في جميع الهند تارة صحوة وتارة غيث وفي نهار واحد مقدار عشر مرات، وتمطر على دار ولا تمطر على أخرى ويقال: إنّها قد تمطر على أحد قرني الثور ولم تمطر على الآخر. وينزل الغيث في جبال اليمن ستة شهور ما بين الظهر والعصر.
[ذكر المياه والرياح]
وما يتعلق بكل كوكب وبرج. فصل الحمل والميزان النيران المشعلة، الجوزاء رياح طيبة ورياح الجنوب، والسرطان المياه العذبة والأمطار كثيرة الحركة وما ينزل من السماء، الأسد النيران التي تدخن في الكوانين وعلم الهوى والنيران التي في الأحجار، السنبلة كل ما جارى الميزان الرياح التي تلقح الأشجار بهبوبها وتسمن الثمار وتدل على طيبة الجو، وعقرب المياه الجارية التي ينزل إليها بالمراقي مثل الصهاريج والسيول والقرب وما يعجن من الطين، والقوس الأنهار والنيران الغزيرة في ابدن الحيوانات، والدلو المياه الجارية والبحار والرياح والعواصف المؤثرة قلع الأشجار مفسدة للنباتات، الحوت للمياه الراكدة والبحريات ويدل على الأشجار المعتدلة الطول.
ويسمى أعمال معاشر تعز الشعبانيات وحدود إلى وادي ورزان وبركة الحوبان. وبه انشد سليمان شاه من شاهنشاه بن شاذي يقول:
بليت بها دون الحسان فمهجتي ... تذوب وبي من جرة البين بلبال
أقمت بأكناف الخصيب وأصبحت ... بحصن تغز ذا التفرق قتال
[من تعز إلى الجند]
من تعز إلى بركة الحوبان ربع فرسخ. وإلى وادي السمكر ربع فرسخ، والسمكر كان رجل يهودي قتله علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وفي هذا الموضع أراضي تغلب عليها المياه إحداها ٠٠٠٠ وإلى الجند نصف فرسخ والله اعلم واحكم.
[بناء الجند]
غرست الأوائل في فضاة الجند نخلا وحمل فلما دار الدهر رجع عقدة. وبقي النخل على حاله إلى إنّ ظهر دقيانوس الملك وقطع النخل ونبى في فضاة الجند بلداً عظيماً سماة الأقيوس، وبه كانت وقعة أهل الكهف مع دقيانوس الملك والله اعلم. وصورته على هذا الوضع والترتيب: ويقال إنّ القوم في كهف من كهوف الجبل صبر نيام إلى الآن، وهم الذين قال الله عز وجل عنهم:(سيقولون ثلثة رابعهم كلبهم ويقولون خمسة وسادسهم كلبهم رجما بالغيب ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم قل ربي اعلم بعدتهم ما يعلمهم إلا قليل) . وقد تقدم ذكرهم في الافسوس ٠٠٠٠ عامر إلى أن ملك اليمن أخ المعز بن معن بن زائدة الشيباني، فقام المتولي ومد يده إلى اخذ المال واستباحة النساء بالفحش من العمل وقبح الأمل. فلما رأوا العرب منه ما رأوه قتلوه وعصوا في البلاد فطم أخوه معن بن زائدة الشيباني فعلم الخبر فركب وجاء في خيل ورجل فملك اليمن بعد أن ركب السيف على أهلها واخرب الجند، وسد في الجبال ثلاثمائة غيل أي عين عذبة ويقال إنّ غيلان منه سده بالملح فملح ماؤه وصار يحمل منه ملحا إلى هذه الغاية. فلما تولى معاذ بن جبل ولاية اليمن من قبل النبي (بناها مدينة سميت باسمه جبل غير إنّ الباقون أبدلوا اللام دال، فسميت الجند لأنها مسكن الجند. حدثني عبد الله بن محمد بن يحيى قال: إنّ في الأصل يسمى قارع الأجناد لأبن أهلها كانوا جند اليمن لم يسمع أحد منهم كلام صاحبه ولم يرضوا بحكومة بعضهم بعضاً. فلما كثر القال والقيل بين زيد وعمرو خرج نصر وجعفر إلى النبي (برضى خالد وزبير وطلبوا منه رجلاً يؤدون له الزكوة ويعلمهم الشرائع والدين ويتحاكمون إليه انفذ النبي (معاذ بن جبل. فقلت له: أريد على هذا برهاناً. قال: يقول الشاعر: